للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما إنْ سرَقَ مِنْ الغاصِبِ فإنه تُقطَعُ يَدُه؛ لأنَّ يَدَه يَدُ ضَمانٍ، فهي يَدٌ صَحيحةٌ (١).

وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في قَولٍ إلى أنه إنْ سرَقَ مِنْ سارقٍ أو مِنْ أمِينٍ ونحوِ ذلكَ فيُقطَعُ؛ لأنه سرَقَ نِصابًا لا شُبهةَ له فيه مِنْ حِرزِ مِثلِه، فوجَبَ عليه القَطعُ كالسارقِ الأولِ، قال المالِكيةُ: ولا يُقبَلُ قولُ السارقِ الثاني أنه سرَقَه لِيَردَّه لرَبِّه (٢).

وذهَبَ الشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ إلى أنَّ السارقَ إذا سرَقَ نِصابًا مِنْ حِرزِ مثلِه فأحرَزَه في حِرزٍ لهُ فسرَقَه سارقٌ آخَرُ مِنْ حِرزِ هذا السَّارقِ .. فإنَّ السارقَ الأولَ قد وجَبَ عليهِ القَطعُ بسَرقتِه، وأما السارقُ الثَّاني .. فليسَ للسَّارقِ الأولِ مُطالَبتُه برَدِّ النِّصابِ إليهِ ولا بالقَطعِ؛ لأنه لا حَقَّ له فيهِ، ولمالِكِ النِّصابِ أنْ يُطالِبَ السارقَ الثاني برَدِّه، ولا يَجبُ عليه القَطعُ؛ لأنه لمْ يَسرقْه مِنْ مالِكِه ولا نائبِه، ولأنَّ مالكَ النِّصابِ لم يَرْضَ بهذا الحِرزِ حِرزًا لمالِه.


(١) «المبسوط» (٩/ ١٤٥)، و «العناية» (٧/ ٣٨٤)، و «شرح فتح القدير» (٥/ ٤٠٤)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٢٢٩)، و «البحر الرائق» (٥/ ٦٩)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٤١١)، و «الدر المختار» (٤/ ١٠٨).
(٢) «حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير» (٦/ ٣٣٩)، و «الحاوي الكبير» (١٣/ ٣١٢)، و «البيان» (١٢/ ٤٧٧، ٤٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>