للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بزائدٍ على قَدرِ حقِّه أخَذَه معَه وإنْ بلَغَ الزائدُ نِصابًا وهو مُستقِلٌّ؛ لأنه إذا تَمكَّنَ مِنْ الدُّخولِ والأخذِ لم يَبْقَ المالُ مُحرَّزًا عنهُ.

وإنْ لم يَكُنِ الدَّينُ حالُّا بل كانَ مُؤجَّلًا ولم يَحلَّ أجَلُه أو لم يَكنْ مُماطِلًا قُطعَ؛ إذْ لا شُبهةَ له حِينئذٍ (١).

وذهَبَ الحَنابلةُ إلى أنَّ رَبَّ الدَّينِ إذا سرَقَ مِنْ مالِ مَنْ لهُ عليهِ دَينٌ -سَواءٌ كانَ على غاصِبٍ ونَحوِه أو مَدينٍ- فهذا لا يَخلُو:

إمَّا أنْ يكونَ باذِلًا غيرَ مُمتنِعٍ مِنْ أدائِه أو قدَرَ المالِكُ على أخذِ مالِه فتَركَه وسَرقَ مِنْ مالِ المُعتدِي مِنْ غيرِ حِرزِ مالِه أو سرَقَ مِنْ مالِ الغَريمِ فعَليهِ القطعُ؛ لعَدمِ الشُّبهةِ.

أمَّا إنْ عَجزَ رَبُّ الدَّينِ عن استيفائِه أو عجَزَ مَجنيٌّ عليهِ عن استيفاءِ أرشِ جِنايتِه فسرَقَ قدْرَ دَينِه أو قدْرَ أرشِ جِنايتِه فلا قطْعَ؛ لأنَّ بعضَ العُلماءِ أباحَ له الأخذَ، فيَكونُ الاختِلافُ في إباحةِ الأخذِ شُبهةً تَدرأُ الحَدَّ كالوطءِ في نِكاحٍ مُختلَفٍ في صحَّتِه.

وإنْ سرَقَ رَبُّ الدَّينِ أكثَرَ مِنْ دَينِه فهو كالمَغصوبِ منهُ إذا سرَقَ أكثَرَ مِنْ مالِه، فإنْ بلَغَتِ الزيادةُ نِصابًا فإنْ أخَذَ الزائدَ مِنْ نَفسِ المَكانِ الذي فيهِ مالُه فلا قطْعَ عليهِ؛ لأنَّ هتْكَ الحِرزِ لأخذِ مالِه جعَلَ المكانَ غيرَ مُحرَّزٍ بالنسبةِ لكُلِّ ما فيه.


(١) «أسنى المطالب» (٤/ ١٤٠)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٤٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>