وإنْ أخَذَ الزائدَ مِنْ غيرِ الحِرزِ الذي فيهِ مالُه وجَبَ القَطعُ؛ لعَدمِ الشُّبهةِ.
قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: وإنْ سرَقَ نِصابًا أو غصَبَه فأحرَزَه فَجاءَ المالكُ فهتَكَ الحِرزَ وأخَذَ مالَه فلا قطْعَ عليهِ عندَ أحدٍ، سَواءٌ أخَذَه سَرقةً أو غيرَها؛ لأنه أخَذَ مالَه.
وإنْ سرَقَ غيرَه ففيهِ وَجهانِ:
أحَدُهما: لا قطْعَ فيهِ؛ لأنَّ له شُبهةً في هَتكِ الحِرزِ وأخذِ مالِه، فصارَ كالسارقِ مِنْ غيرِ حِرزٍ، ولأنَّ له شُبهةً في أخذِ قَدرِ مالِه؛ لذَهابِ بعضِ العُلماءِ إلى جَوازِ أخذِ الإنسانِ قدْرَ دَينِه مِنْ مالِ مَنْ هو عليهِ.
والثاني: عليهِ القَطعُ؛ لأنه سرَقَ نِصابًا مِنْ حِرزِه لا شُبهةَ لهُ فيهِ، وإنما يَجوزُ له أخذُ قَدرِ مالِه إذا عجَزَ عن أخذِ مالِه، وهذا أمكَنَه أخذُ مالِه، فلمْ يَجُزْ له أخذُ غيرِه، وكذلكَ الحُكمُ إذا أخَذَ مالَه وأخَذَ مِنْ غيرِه نِصابًا مُتميِّزًا عن مالِه، فإنْ كانَ مُختلِطًا بمالِه غيرَ مُتميِّزٍ منهُ فلا قطْعَ عليهِ؛ لأنه أخَذَ مالَه الذي لهُ أخذُه وحصَّلَ غيرَه مأخوذًا ضَرورةَ أخذِه، فيَجبُ أنْ لا يُقطَعَ فيه، ولأنَّ لهُ في أخذِه شُبهةً، والحَدُّ يُدرأُ بالشبُهاتِ.
فأمَّا إنْ سرَقَ منهُ مالًا آخَرَ مِنْ غيرِ الحِرزِ الذي فيهِ مالُه أو كانَ له دَينٌ على إنسانٍ فسرَقَ مِنْ مالِه قدْرَ دَينِه مِنْ حِرزِه نظَرْتَ: فإنْ كانَ الغاصِبُ أو الغَريمُ باذلًا لِمَا عليه غيرَ مُمتنِعٍ مِنْ أدائِه أو قدَرَ المالكُ على أخذِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute