للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهُ الاستِحسانِ: أنَّ حَقَّ الأخذِ إنْ لم يَثبتْ قبلَ حَلِّ الأجَلِ فسَببُ ثُبوتِ حَقِّ الأخذِ قائمٌ وهو الدَّينُ؛ لأنَّ تأثيرَ التأجيلِ تأخيرٌ في المُطالَبةِ لا في سُقوطِ الدَّينِ، فقيامُ سَببِ ثُبوتِه يُورثُ الشبهةَ.

وإنْ سرَقَ خِلافَ جنسِ حقِّه بأنْ كانَ عليه دَراهمُ فسرَقَ منه دَنانيرَ أو عُروضًا قُطِعَ إنْ لم يَقُلْ: «أخذْتُه لأجْلِ حقِّي»؛ لأنه إذا لم يَقُلْ فقدْ أخَذَ مالًا ليسَ له حَقُّ أخذِه.

أما إذا سرَقَ العُروضَ ثم قالَ: «أخذْتُ لأجْلِ حقِّي» لا يُقطَعُ.

ولو أخَذَ صِنفًا مِنْ الدَّراهمِ أجوَدَ مِنْ حقِّه أو أردَأَ لم يُقطَعْ؛ لأنَّ المَأخوذَ مِنْ جنسِ حقِّه مِنْ حَيثُ الأصلُ، وإنما خالَفَه مِنْ حيثُ الوصفُ.

ولو سرَقَ حُليًّا مِنْ فضَّةٍ وعليه دَراهمُ أو حُليًّا مِنْ ذَهبٍ وعليهُ دَنانيرُ يُقطَعُ؛ لأنَّ هذا لا يَصيرُ قِصاصًا مِنْ حقِّه إلا بالمُراضاةِ، ويكونُ ذلكَ بيعًا واستِبدالًا، فأشبَهَ العُروضَ، وإنْ كانَ السارِقُ قد استَهلكَ العُروضَ أو الحُليَّ ووجَبَتْ عليه قِيمتُه وهو مِثلُ الذي عليهِ مِنْ العَينِ فإنْ هذا يُقطَعُ أيضًا؛ لأنَّ المَقاصدَ إنما تَقعُ بعدَ الاستهلاكِ، فلا يُوجبُ سِوى القَطعِ.

ولو سرَقَ مِنْ غَريمِ أبيه أو وَلدِه يُقطَعُ؛ لأنه لا حَقَّ له فيه ولا في قَبضِه، إلا إذا كانَ غَريمَ وَلدِه الصغيرِ فلا يُقطعُ؛ لأنَّ حَقَّ القبضِ له كما في دَينِ نفسِه (١).


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٧١، ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>