في حَديثِ النبيِّ ﷺ في الفَزاريِّ مَوضوعةٌ بالآثارِ فيها والحُجَجِ في كتابِ الحُدودِ (١).
وقالَ الماوَرديُّ ﵀: وهذا كما قالَ، كِناياتُ القَذفِ ومَعارِيضُه لا تكونُ قَذفًا إلا بالإرادةِ في الغضَبِ والرِّضى جَميعًا، وبه قالَ أبو حَنيفةَ وأكثَرُ الفُقهاءِ … ثمَّ ساقَ الحَديثَ ثمَّ قالَ: فلمْ يَجعلِ النبيُّ ﷺ هذا التَّعريضَ بالقذفِ صَريحًا.
فإنْ قيلَ: إنما يكونُ صَريحًا في الغضَبِ، ولم يَظهرْ منهُ غَضبٌ.
قيلَ: حالُه يَشهدُ بغضَبهِ؛ لأنه أنكَرَ مِنْ زَوجتِه وهُمَا أبيَضانِ أنْ تَلدَ غُلامًا أسوَدَ يُخالِفُهما في الشَّبهِ، ويَدلُّ عليه ما رُويَ «أنَّ رَجلًا أتَى رسولَ اللهِ ﷺ فقالَ: يا رَسولَ اللهِ إني امرَأتي لا تَرُدُّ يَدَ لامِسٍ، فقالَ: طلِّقْها، فقالَ: إني أُحبُّها، قالَ: أَمسِكْها» وهذا تَعريضٌ بالقَذفِ ولم يَجعلْه قاذِفًا.
فإنْ قيلَ: المُرادُ بقولِه: «يَدَ لامِسٍ» أُريدَ به مُلتمِسٍ، أي: طالبٍ لمالِه؛ لتَبذيرِها له في كلِّ سائلٍ وطالِبٍ، ولم يُرِدِ التِماسَ الفاحِشةِ، فيَكونُ تَعريضًا.
قيلَ: لا يَجوزُ حَملُه على هذا التأويلِ المُخالِفِ لأمرَينِ:
أحَدُهما: أنه لو أرادَ هذا القولَ لَقالَ: «لا تَرُدُّ يدَ مُلتمِسٍ» ولم يَقلْ: «يدَ لامِسٍ».
(١) «الأم» (٥/ ١٣١، ١٣٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute