قالَ الإمامُ الشافِعيُّ ﵀: ولا يُلاعنُ ولا يُحَدُّ إلا بقَذفٍ مُصرحٍ، ولو قالَ:«لم أجِدْكِ عَذراءَ مِنْ جِماعٍ» وكانَتِ العُذرةُ تَذهبُ مِنْ غيرِ جِماعٍ ومِن جِماعٍ فإذا قالَ هذا وُقِفَ؛ فإنْ أرادَ الزنى حُدَّ أو لاعَنَ، وإنْ لم يُرِدْه حلَفَ ولا حَدَّ ولا لِعانَ … -ثمَّ ذكَرَ حَديثَ المَرأةِ التي ولَدَتْ غُلامًا أسوَدَ ثمَّ قالَ-: وبهذا نأخُذُ، وفي الحَديثِ دَلالةٌ ظاهِرةٌ على أنه ذكَرَ أنَّ امرَأتَه ولَدَتْ غُلامًا أسوَدَ وهو لا يَذكرُه إلا مُنكِرًا له، وجَوابُ النبيِّ ﷺ له وضَربُه له المثَلَ بالإبلِ يَدلُّ على ما وصَفْتُ مِنْ إنكارِه وتُهمتِه المرأةَ، فلمَّا كانَ قولُ الفَزاريِّ تُهمةً الأغلَبُ مِنها عندَ مَنْ سَمعَها أنه أرادَ قذْفَها أنْ جاءَتْ بولَدٍ أسودَ فسَمعَه النبيُّ ﷺ فلمْ يَرَهُ قذفًا يَحكمُ عليه فيه باللِّعانِ أو الحَدِّ إذا كانَ لقولِه وجهٌ يَحتملُ أنْ لا يكونَ أرادَ به القذفَ مِنْ التعجُّبِ والمَسألةِ عن ذلكَ لا قذْفَ امرَأتِه استَدلَلْنا على أنه لا حَدَّ في التعريضِ وإنْ غلَبَ على السامِعِ أنَّ المُعرِّضَ أرادَ القذفَ إنْ كانَ له وجهٌ يَحتملُه، ولا حَدَّ إلا في القَذفِ الصريحِ، وقد قالَ اللهُ ﵎ في المُعتدَّةِ: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ إلى ﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥]، فأحَلَّ التعريضَ بالخِطبةِ، وفي إحلالِه إيَّاها تحريمُ التَّصريحِ، وقد قالَ اللهُ ﵎ في الآيةِ: ﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] والسِّرُّ الجِماعُ واجتِماعُهما على العدَّةِ بتَصريحِ العُقدةِ بعدَ انقضاءِ العدَّةِ، وهو تَصريحٌ باسْمٍ نَهَى عنه، وهذا قَولُ الأكثَرِ مِنْ أهلِ مكَّةَ وغيرِهم مِنْ أهلِ البُلدانِ في التَّعريضِ، وأهلُ المَدينةِ فيه مُختلِفونَ فمِنهُم مَنْ قالَ بقَولِنا، ومنهُم مَنْ حَدَّ في التعريضِ، وهذهِ الدَّلالةُ