للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - وأنْ يَكونَ غيرَ أصلٍ: فلا يُحَدُّ الأصلُ ولو أُنثى بقَذفِ الولَدِ وإنْ سَفَلَ؛ لقولِ اللهِ تعالَى: ﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ﴾ [الإسراء: ٢٣]، والنَّهيُ عن التأفيفِ نَصًّا نهيٌ عن الضربِ دَلالةً، ولهذا لا يُقتَلُ به قِصاصًا، ولقولِه : ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [البقرة: ٨٣]، والمُطالِبُ بالقَذفِ ليسَ مِنْ الإحسانِ في شَيءٍ، فكانَ مَنفيًّا بالنصِّ، ولأنَّ تَوقيرَ الأبِ واحتِرامَه واجبٌ شَرعًا وعَقلًا، والمُطالَبةُ بالقَذفِ للجَدِّ تَركُ التَّعظيمِ والاحتِرامِ، فكانَ حَرامًا، لكنَّه يُعزَّرُ؛ للإيذاءِ، وهذا شَرطٌ عندَ الحَنفيةِ والمالِكيةِ في المَذهبِ والشافِعيةِ والحَنابلةِ.

وقالَ المالِكيةُ في قَولٍ -وهو قَولُ ابنِ القاسِمِ-: يُحَدُّ الأبُ بقَذفِ ابنِه (١).

٦ - والعِلمُ بالتَّحريمِ: فلا حَدَّ على جاهِلٍ بالتحريمِ لقُربِ عَهدِه بالإسلامِ أو بُعدِه عن العُلماءِ عندَ الشافِعيةِ (٢).

وأما الحَنفيةُ فقالَ ابنُ عابدِينَ : وأما كَونُه عالِمًا بالحُرمةِ حَقيقةً أو حُكمًا بكَونِه ناشِئًا في دارِ الإسلامِ فيُحتملُ أنْ يكونَ شَرطًا أيضًا، لكنْ في «كافي الحاكِمِ»: حَربيٌّ دخَلَ دارَ الإسلامِ بأمانٍ فقذَفَ مُسلمًا لم يُحَدَّ في قَولِ أبي حَنيفةَ الأولِ، ويُحَدُّ في قَولِه الأخيرِ، وهو قَولُ صاحِبَيه. اه، فظاهِرُه أنه يُحَدُّ ولو في فَورِ دُخولِه، ولَعلَّ وجْهَه أنَّ الزنا حَرامٌ في كلِّ


(١) «مختصر اختلاف العلماء» (٣/ ٣١٧)، و «بدائع الصنائع» (٧/ ٤٢)، و «البيان والتحصيل» (١٦/ ٢٦٩) «مغني المحتاج» (٥/ ٤٥٤)، و «النجم الوهاج» (٩/ ١٣٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ١٩٩)، و «منار السبيل» (٣/ ٣١٤).
(٢) «مغني المحتاج» (٥/ ٤٥٤)، و «النجم الوهاج» (٩/ ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>