للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الضربُ الثالِثُ: مُحرَّمٌ: وهو ما عدا ذلكَ مِنْ قَذفِ أزواجِه والأجانبِ، فإنه مِنْ الكَبائرِ، قالَ اللهُ تعالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٢٣)[النور: ٢٣]، وقالَ النبيُّ : «أيُّما امرَأةٍ أدخَلَتْ على قَومٍ مَنْ ليسَ مِنهُم فليسَتْ مِنْ اللهِ في شَيءٍ ولنْ يُدخِلَها اللهُ جَنَّتَه، وأيُّما رَجلٍ جحَدَ ولَدَه وهو يَنظرُ إليهِ احتَجَبَ اللهُ منهُ وفضَحَه على رُؤوسِ الأوَّلينَ والآخِرينَ» (١).

قولُه: «وهو يَنظرُ إليه» يعني: يَراهُ منهُ، فكَمَا حرَّمَ اللهُ على المَرأةِ أنْ تُدخِلَ على قَومٍ مَنْ ليسَ منهُم حرَّمَ على الرَّجلِ جحْدَ ولَدِه، ولا يَجوزُ قَذفُها بخبَرِ مَنْ لا يُوثَقُ بخبَرِه؛ لأنه غيرُ مَأمونٍ على الكَذبِ عليها، ولا برُؤيتِه رَجلًا خارِجًا مِنْ عندِها مِنْ غيرِ أنْ يَستفيضَ زِناها؛ لأنه يَجوزُ أنْ يَكونَ دخَلَ سارِقًا أو هارِبًا أو لِحاجةٍ أو لغَرضٍ فاسِدٍ فلمْ تُمكِّنْه، ولا لاستِفاضةِ ذلكَ في الناسِ مِنْ غيرِ قَرينةٍ تَدلُّ على صِدقِهم؛ لاحتِمالِ أنْ يكونَ أعداؤُها أشاعُوا ذلكَ عَنها، وفيهِ وجهٌ آخَرُ: أنه يَجوزُ؛ لأنَّ الاستِفاضةَ أقوَى مِنْ خبَرِ الثِّقةِ، ولا بمُخالَفةِ الولَدِ لونَ والِديهِ أو شَبهِهما، ولا لشَبهِه بغيرِ والِديهِ (٢).

وقد تَقدَّمَ بيانُ ذلكَ بالتَّفصيلِ في كِتابِ اللِّعانِ.


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٢٢٦٣)، والنسائي (٣٤٨١)، وابن ماجه (٢٧٤٣).
(٢) «المغني» (٨/ ٥٨، ٥٩)، و «المبدع» (٩/ ٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>