الحُقوقِ وفي القِصاصِ وفي سائرِ الحُدودِ مِنْ السَّرقةِ والقَذفِ والشُّربِ، فكذلكَ يَجبُ أنْ تَكونَ في الزنا.
فإنْ قيلَ: الزوجُ يَجبُ عليه اللِّعانُ إذا قذَفَ امرَأتَه، فلا يَجوزُ أنْ يكونَ شاهِدًا.
قيلَ لهُ: إذا جاءَ مَجيءَ الشهودِ مع ثَلاثةٍ غيرِه فليسَ بقاذفٍ ولا لِعانَ عليهِ، وإنما يَجبُ اللِّعانُ عليهِ إذا قذَفَها ثمَّ لم يَأتِ بأربعةِ شُهداءَ، كالأجنَبيِّ إذا قذَفَ وجَبَ عليه الحَدُّ إلا أنْ يأتِيَ بأربعةٍ غيرِه يَشهَدونَ بالزنا، ولو جاءَ مع ثَلاثةٍ فشَهدُوا بالزِّنا لم يَكنْ قاذِفًا وكانَ شاهِدًا، فكذلكَ الزوجُ (١)
وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ المرأةَ إذا شَهدَ عليها أربَعةٌ بالزنا أحَدُهم زَوجُها يُجلَدُ الثلاثةُ، إلا قولًا للشافِعيةِ، ويُلاعِنُ الزوجُ، فإنْ لم يُلاعِنْ حُدَّ؛ لقولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦)﴾ [النور: ٦]، فلمْ يَجعلْ لشَهادتِه عليها حُكمًا ولا جعَلَ قولَه عليها مَقبولًا.
ورُويَ عن قَتادةَ عن جابرِ بنِ زَيدٍ عن ابنِ عبَّاسٍ ﵄ أنه قالَ في أربَعةٍ شَهِدوا على امرأةٍ أنها زَنَتْ وأحَدُهم زَوجُها فقالَ:«يُلاعِنُ الزَّوجُ ويُحَدُّ الثلاثةُ»، وهذا قولُ واحِدٍ مِنْ الصحابةِ لم يَظهرْ له مُخالِفٌ، فإنْ كانَ مُنتشِرًا فهو إجماعٌ لا يَجوزُ خِلافُه، وإنْ كانَ غيرَ مُنتشِرٍ فهو على قولِ المُخالِفِ حُجَّةٌ يُتركُ به القياسُ.