فإنْ شَهدُوا معه ثلاثةٌ عُمْيٌّ حُدَّ وحُدُّوا، أي يُلاعِنُ الزوجُ ويُحَدونَ حَدَّ القذفِ؛ لأنَّ العُميانَ لا شهادةَ لهم قَطعًا، فلمْ يَكنْ قَولُهم حجَّةً أصلًا، فكانوا قذَفةً فيُحدُّونَ حَدَّ القذفِ، ويُلاعِنُ الزوجُ؛ لأنَّ قذْفَ الزوجِ يُوجِبُ اللِّعانَ إذا لم يَأتِ بأربَعةِ شهداءَ، ولمْ يأتِ بهِم.
ولو جاءَ بأربَعةٍ فلمْ يعدلُوا فهو قاذِفٌ، فعَليه اللِّعانُ؛ لأنَّ الشهادةَ إذا سقَطَتْ تعَلَّقَ بقَذفِه اللِّعانُ (١).
قالَ الإمامُ أبو بَكرٍ الجصَّاصُ ﵀: أربَعةٌ شَهدُوا على امرأةٍ بالزنا أحَدُهم زَوجُها:
قالَ أصحابُنا: شَهادتُهم جائزةٌ ويُقامُ الحَدُّ على المَرأةِ.
وقالَ مالِكٌ والشافِعيُّ: يُلاعِنُ الزوجُ ويُحَدُّ الثلاثةُ، ورُويَ نحوُ قولِهما عن الحسَنِ والشَّعبيِّ، ورُويَ عن ابنِ عبَّاسٍ أنَّ الزوجَ يُلاعِنُ ويُحَدُّ الثلاثةُ.
قالَ أبو بكرٍ: قالَ اللهُ تعالَى: ﴿وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ﴾ [النساء: ١٥] ولم يُفرِّقْ بينَ كَونِ الزوجِ فيهِم وبينَ أنْ يكونُوا جَميعًا أجنَبيينَ، وقالَ: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ [النور: ٤]، فإذا قذَفَ الأجنَبيُّ امرأةً وجاءَ بأربَعةٍ أحَدُهم الزوجُ اقتَضَى الظاهرُ جَوازَ شهادتِهم وسُقوطَ الحَدِّ عن القاذفِ وإيجابَه عَليها، وأيضًا لا خِلافَ أنَّ شهادةَ الزوجِ جائزةٌ على امرَأتِه في سائرِ
(١) «المبسوط» (٧/ ٥٤)، و «بدائع الصنائع» (٣/ ٢٤٠، ٢٤١)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٣١٣، ٣١٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute