للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ القاسِمِ: كلُّ إمامٍ دخَلَ عَليهِ ما يَنقضُ صَلاتَه فتَمادَى بهِم فإنَّ صَلاتَه مُنتقِضةٌ، وعَليهِم أنْ يُعيدُوا متَى عَلِمُوا (١).

قالُوا: وإنْ عَلِمَ المُؤتَمُّ بحدَثِ إمامِه بَطلَتْ صَلاتُه قَولًا واحِدًا (٢).

وذهَبَ الشَّافعيةُ إلى أنهُم يَبنونَ على صَلاتهِم، سَواءٌ عَلِمَ بذلكَ أو عَلِمَ المأمومُونَ؛ لأنَّ ما مضَى مِنْ صَلاتهِم صَحيحٌ، فكانَ لهُم البِناءُ عَليهِ كما لو قامَ إلى خامِسةٍ فسَبَّحُوا بهِ فلَمْ يَرجعْ.

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : فإنْ عَلِمَ في أثناءِ الصَّلاةِ حدَثَ الإمامِ لَزمَه مُفارَقتُه وأتَمَّ صَلاتَه مُنفرِدًا بانِيًا على ما صلَّى معهُ، فإنِ استَمرَّ على المُتابعةِ لَحظةً أو لم يَنوِ المُفارَقةَ بَطلتْ صَلاتُه بالاتِّفاقِ؛ لأنَّه صلَّى بعضَ صَلاتِه خلْفَ مُحدِثٍ معَ عِلمِه بحَدثِه، وممَّن صرَّحَ ببُطلانِ صَلاتِه إذا لم يَنوِ المُفارَقةَ ولم يُتابِعْه في الأفعالِ الشَّيخُ أبو حامِدٍ والقاضي أبو الطَّيبِ في تَعليقِهما والمَحامِليُّ وخَلائِقُ مِنْ كبارِ الأصحابِ، وإنْ لم يَعلمْ حتَّى سلَّمَ منها أجزَأتْهُ؛ لِمَا ذكَرَه المُصنِّفُ، وسواءٌ كانَ الإمامُ عالِمًا بحدَثِ نفْسِه أم لا؛ لأنَّه لا تَفريطَ مِنْ المأمومِ في الحالَينِ، هذا هوَ المَذهبُ وبهِ قطَعَ الجُمهورُ … (٣).


(١) «الجامع لمسائل المدونة» (١/ ٢٥٦)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٤١٧)، و «شرح مختصر خليل» (٢/ ٢٣)، و «تحبير المختصر» (١/ ٤١٥).
(٢) «تحبير المختصر» (١/ ٤١٥).
(٣) «المجموع» (٤/ ٢٥٦، ٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>