للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه إكراهٌ على الزِّنا، فوجَبَ أنْ يَسقطَ به الحَدُّ كإكراهِ المَرأةِ، ولأنَّ كلَّ ما سقَطَ فيهِ الحَدُّ أو أُكرِهتْ عليه المَرأةُ سقَطَ فيه الحَدُّ إذا أُكرِهَ عليه الرَّجلُ كالسَّرقةِ وشُربِ الخَمرِ.

فأمَّا الجَوابُ عن الاستِدلالِ بحُدوثِ الانتشارِ عن الشَّهوةِ فهو أنَّ الشَّهوةَ مَركُوزةٌ في الطِّباعِ لا يُمكِنُ دفعُها، وإنما يُمكِنُ دفعُ النفسِ عن الانقيادِ لها لدِينٍ أو تَقيَّةٍ، فصارَ الإكراهُ على الفعلِ لا على الشَّهوةِ، والحَدُّ إنما يَجبُ في الفِعلِ دونَ الشهوةِ (١).

قالَ الحدَّاديُّ : قولُه: (وإنْ أكرَهَه على الزِّنا وجَبَ عليهِ الحدُّ عندَ أبي حَنيفةَ، إلا أنْ يُكرِهَه السلطانُ)؛ لأنَّ الإكراهَ لا يُتصوَّرُ في الزنا؛ لأنَّ الوطءَ لا يُمكِنُ إلا بالانتِشارِ، وهو لا يَكونُ مع الخوفِ، وإنما يَكونُ مع اللَّذةِ وسُكونِ النَّفسِ والاختيارِ له، فكأنهُ زنَى باختِيارِه، وليسَ كذلكَ المرأةُ إذا أُكرهَتْ على الزنا، فإنها لا تُحَدُّ؛ لأنه ليسَ منها إلا التَّمكينُ، وذلكَ يَحصلُ مع الإكراهِ، وأمَّا إذا أكرَهَه السُّلطانُ ففيهِ روايتانِ:


(١) «الحاوي الكبير» (١٣/ ٢٤١، ٢٤٢)، و «البيان» (١٢/ ٣٦٠)، و «المهذب» (٢/ ٢٦٧)، و «روضة الطالبين» (٦/ ٥٢٢)، و «النجم الوهاج» (٩/ ١٠٦)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٤٣٧)، و «تحفة المحتاج» (١٠/ ٧٠٤)، و «أحكام القرآن» (٥/ ٩٩)، و «تحفة الفقهاء» (٣/ ٢٧٥)، و «الاختيار» (٢/ ١٣٠)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ١٨٩)، و «البحر الرائق» (٨/ ٨٧)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٢٤٩، ٢٥٠)، و «اللباب» (٢/ ٥١٨)، و «الدر المختار» (٦/ ١٣٧)، و «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٦/ ٣١٠)، و «حاشية الصاوي» (١٠/ ٢٥٢)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٣٣٩)، و «المغني» (٩/ ٥٧)، و «المبدع» (٩/ ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>