للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها، إلَّا أنَّ الحدَّ لم يَجبْ عليها؛ لعَدمِ الأهليةِ، والأهليَّةُ ثابتةٌ في جانِبِ الرَّجلِ فيَجبُ (١).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ العاقِلةَ البالِغةَ إذا زنَتْ بمجنونٍ فإنه يَجبُ عليها حَدُّ الزنا دونَه؛ لأنَّ كلَّ ما وجَبَ عليها بوَطئِها إذا مكَّنَتْ عاقِلًا وجَبَ عليها بوَطئِها إذا مكَّنَتْ مَجنونًا كالقَضاءِ والكفَّارةِ في وَطءِ رَمضانَ، ولأنَّ سُقوطَ الحَدِّ عن الواطئِ لمَعنًى يَخصُّه لا يُوجِبُ سُقوطَه عن المَوطوءةِ، كالمُستأمَنِ الحربيِّ إذا زنَى بمُسلمةٍ يَجبُ عليها الحَدُّ دُونَه، ولأنَّ كلَّ سَببٍ لو اختَصَّ بالمَوطوءةِ لم يَمنعْ وُجوبَ الحَدَّ على الواطئِ، وجَبَ إذا اختَصَّ بالواطئِ أنْ لا يَمنعَ وُجوبَ الحَدِّ على المَوطوءةِ كاعتِقادِ الشُّبهةِ، ولأنه لمَّا لم يُعتبَرْ حُكمُ المَوطوءةِ بالواطئِ في حقِّه الحدُّ إذا زنَتِ الحرَّةُ بعَبدٍ والثيِّبُ ببِكرٍ لم يُعتبَرْ في وُجوبِ الحدِّ إذا زَنَتِ العاقِلةُ بمَجنونٍ.

ولأنها مُطاوِعةٌ واطِئًا كاملَ الوَطءِ على وَجهٍ يَحرمُ بغيرِ شُبهةٍ، فوجَبَ أنْ يَلزمَها الحدُّ، أصلُه إذا كانَ الواطِئُ عاقِلًا (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٤)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ١٨٣)، و «الفتاوى الهندية» (٢/ ١٤٤).
(٢) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ١٩٩)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٣٢٦)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ٧٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٣٠٥)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٣٣٥)، و «الحاوي الكبير» (١٣/ ٢٠٠، ٢٠١)، و «البيان» (١٢/ ٣٦١، ٣٦٢)، و «الإنصاف» (١٠/ ١٨٧، ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>