للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«الإمامُ ضامِنٌ» (١)، وعلى هذا فالمُؤتَمُّ بالمُحدِثِ النَّاسي لِحَدثِه يُعيدُ كما يُعيدُ إمامُه، وهذا مَذهبُ أبي حَنيفةَ وروايةٌ عن أحمَدَ اختَارَها أبو الخطَّابِ، حتَّى اختارَ بعضُ هَؤلاءِ كمُحمدِ بنِ الحسَنِ أنْ لا يَأتَمَّ المُتوضِئُّ بالمُتيمِّمِ؛ لِنَقصِ طَهارتِه عنهُ.

والقَولُ الثالِثُ: أنها مُنعقِدةٌ بصَلاةِ الإمامِ بها، لكنْ إنَّما يَسرِي النَّقصُ إلى صَلاةِ المأمومِ معَ عَدمِ العُذرِ مِنهُما، فأمَّا معَ العُذرِ فلا يَسرِي النَّقصُ، فإذا كانَ الإمامُ يَعتقِدُ طهارتَه فهوَ مَعذورٌ في الإمامَةِ، والمأمومُ مَعذورٌ في الائتمامِ، وهذا قولُ مالِكٍ وأحمَدَ وغَيرِهما، وعَليهِ يَنزلُ ما يُؤثَرُ عنِ الصَّحابةِ في هذهِ المَسألةِ، وهوَ أوسَطُ الأقوالِ كما ذكَرْنا في نَفسِ صِفةِ الإمامِ الناقِصِ أنَّ حُكمَه معَ الحاجَةِ يُخالِفُ حُكمَه مع عَدمِ الحاجَةِ، فحُكمُ صَلاتِه كحُكمِ نفْسِه.

وعَلى هذا أيضًا يَنبنِي اقتداءُ المُؤتَمِّ بإمامٍ قد ترَكَ ما يَعتقدُه المأمومُ مِنْ فَرائضِ الصَّلاةِ إذا كانَ الإمامُ مُتأوِّلًا تأويلًا يَسوغُ، كأنْ لا يَتوضَّأَ مِنْ خُروجِ النَّجاساتِ مِنْ غَيرِ السَّبيلَينِ ولا مِنْ مَسِّ الذَّكرِ ونَحوِ ذلكَ، فإنَّ اعتِقادَ الإمامِ هُنا صحَّةَ صَلاتِه كاعتِقادِه صحَّتَها معَ عدَمِ العِلمِ بالحدَثِ، وأَولَى؛ فإنَّه هُناكَ تَجبُ عَليهِ الإعادةُ، وهذا أصلٌ نافِعٌ أيضًا.

ويَدلُّ على صحَّةِ هذا القَولِ ما أخرَجَه البُخاريُّ في صَحيحِه عَنْ أبي هُريرةَ أنَّ رَسولَ اللهِ قالَ: «يُصلُّونَ لكُم، فإنْ أصابوا


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٥١٧)، والترمذي (٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>