للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ -وهو مَرويٌّ عن أبي يُوسفَ- إلى أنَّ الإسلامَ ليسَ بشَرطٍ للإحصانِ، فإذا زَنى ذِميٌّ وُجدَتْ فيه شَرائطُ إحصانِ المُسلمِ وجَبَ عليه الرجمُ، أو تَزوجَ مُسلمٌ ذِميةً فوَطئَها صارَا مُحصنَينِ؛ لِما رَوى عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ «أنَّ النبيَّ رجَمَ يَهوديَّينِ قد أُحصِنَا، أنا فِيمَن رجَمَهُما، فلقدْ رَأيتُه وإنه يَستُرُها مِنْ الحِجارةِ» (١).

وفي لَفظِ البُخاريِّ عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ «أنَّ اليَهودَ جاؤُوا إلى رسولِ اللهِ فذَكَروا له أنَّ رَجلًا منهم وامرأةً زنَيَا، فقالَ لهم رسولُ اللهِ : ما تَجِدونَ في التَّوراةِ في شَأنِ الرَّجمِ؟ فقالوا: نفضَحُهم ويُجلَدُونَ، فقالَ عبدُ اللهِ بنُ سَلامٍ: كذَبْتُم، إنَّ فيها الرَّجمَ، فأتَوا بالتَّوراةِ فنَشَروها فوضَعَ أحَدُهم يَدَه على آيةِ الرَّجمِ فقرَأَ ما قبلَها وما بعدَها، فقالَ له عبدُ اللهِ بنُ سَلامٍ: ارفَعْ يدَكَ، فرفَعَ يَدَه فإذا فيها آيةُ الرَّجمِ، فقَالوا: صدَقَ يا مُحمدُ فيها آيةُ الرَّجمِ، فأمَرَ بهمَا رسولُ اللهِ فرُجِمَا، قالَ عبدُ اللهِ: فرَأيتُ الرَّجلَ يَجنَأُ على المَرأةِ يَقيها الحِجارةَ» (٢)، ولا يُرجمُ إلا مُحصنًا، فدَلَّ على أنَّ الإسلامَ ليسَ بشَرطٍ في حَصانةِ الرجمِ.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه ابن ماجه (٢٥٥٦)، وابن حبان في «صحيحه» (٤٤٣١).
(٢) رواه البخاري (٣٤٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>