للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طُهرٍ بقَولِه لم يَبطلْ حُكمِ الطُّهرِ برُجوعِه، كالمَرأةِ إذا تَزوَّجتْ بعدَ انقِضاءِ عدَّتها ثمَّ رَجعتْ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : واختَلفُوا إذا صلَّى بهِم وهوَ جُنبٌ وعَلِمُوا بذلكَ بعدَ الصَّلاةِ، فقالَ قَومٌ: صَلاتهُم صَحيحةٌ، وقالَ قومٌ: صَلاتهُم فاسِدةٌ، وفرَّقَ قومٌ بيْنَ أنْ يكونَ الإمامُ عالِمًا بجَنابتِه أو ناسِيًا لهَا، فقالُوا: إنْ كانَ عالِمًا فَسدتْ صَلاتهُم، وإنْ كانَ ناسِيًا لم تَفسدْ صَلاتهُم، وبالأوَّلِ قالَ الشَّافعيُّ، وبالثَّاني قالَ أبو حنيفةَ، وبالثَّالثِ قالَ مالكٌ.

وسَببُ اختِلافِهم: هل صحَّةُ انعِقادُ صَلاةِ المأمومِ مُرتبِطةٌ بصحَّةِ صَلاةِ الإمامِ؟ أم لَيستْ مُرتبِطةً؟ فمَن لم يَرَها مُرتبطةً قالَ: صَلاتهُم جائِزةٌ، ومَن رَآها مُرتبطةً قالَ: صَلاتهُم فاسِدةٌ، ومَن فرَّقَ بيْنَ السَّهوِ والعَمدِ قصَدَ إلى ظاهِرِ الأثَرِ المُتقدِّمِ وهوَ: «أنَّه كَبَّرَ في صَلاةٍ مِنْ الصَّلَواتِ ثمَّ أشارَ إلَيهِم أنِ امكُثُوا، فذهَبَ ثمَّ رجَعَ وعلى جِسمِه أثَرُ الماءِ»، فإنَّ ظاهِرَ هذَا أنَّهُم بَنَوا عَلى صَلاتِهم، والشَّافعيُّ يرَى أنَّه لو كانَتِ الصَّلاةُ مُرتبطةً لَلَزمَ أنْ يَبدؤُوا بالصَّلاةِ مرَّةً ثانِيةً (٢).

وسُئلَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : عَنْ رَجلٍ صلَّى بغَيرِ وُضوءٍ إمامًا وهوَ لا يَعلمُ، أو عَليهِ نَجاسةٌ لا يَعلمُ بها، فهَل صَلاتُه جائِزةٌ أم لا؟ وإنْ كانَتْ صَلاتُه جائِزةً فهَلْ صَلاةُ المأمومِينَ خلْفَه تَصحُّ؟ أَفتُونَا مأجُورِينَ.


(١) «الحاوي الكبير» (٢/ ٢٣٩).
(٢) «بداية المجتهد» (١/ ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>