للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَبيلَ للمأمُومِ إلى مَعرفتِه مِنْ الإمامِ، فكانَ مَعذورًا في الاقتداءِ بهِ، ويُفارِقُ ما إذا كانَ على الإمامِ حدَثُ نفْسِه؛ لأنهُ يكونُ مُستهزِئًا بالصَّلاةِ فاعِلًا لِمَا لا يَحِلُّ، وكذلكَ إنْ عَلِمَ المأمومُ فإنهُ لا عُذرَ لهُ في الاقتداءِ بهِ، وقياسُ المَعذورُ على غَيرِه لا يَصحُّ، والحُكمُ في النَّجاسةِ كالحُكمِ في الحَدثِ سَواءٌ؛ لأنها إحدَى الطَّهارتَينِ، فأشبَهَتِ الأخرَى، ولأنها في معناها في خَفائِها على الإمامِ والمأمومِ، بل حُكمُ النَّجاسةِ أخَفُّ، وخَفاؤُها أكثَرُ، إلَّا أنَّ في النَّجاسةِ رِوايةً أُخرى أنَّ صلاةَ الإمامِ تَصحُّ أيضًا إذا نَسِيَها (١).

وقالَ الإمامُ الماوَرديُّ بعْدَما ذكَرَ الأثارَ عنِ الصَّحابةِ: وليسَ لهَمُا في الصَّحابةِ مُخالِفٌ، فدَلَّ على أنَّه إجماعٌ، ولأنَّ كلَّ مَنْ بَطلَتْ صَلاتُه لمَعنًى انفرَدَ بهِ وجَبَ أنْ لا تَبطلَ صَلاةُ غَيرِه ببُطلانِ صَلاتِه، أصلُه إذا كانَ المأمومُ جنُبًا لم تَبطلْ صَلاةُ الإمامِ، ولأنهُ لو كانَ بُطلانُ صَلاةِ الإمامِ بالحَدثِ يُوجِبُ بُطلانَ صَلاةِ المأمومِ لوجَبَ إذا طرَأَ عليهِ الحَدثُ في تَضاعِيفِ صَلاتِه فأبطَلَها أنْ تَبطلَ صَلاةُ المأمومِ لبُطلانِ صَلاةِ الإمامِ بالحدَثِ، وفي إجماعِهم على صحَّةِ صلاةِ المأمومُ، وإنَّ بُطلانَ صَلاةِ الإمامِ بالحدَثِ الطَّارئِ دليلٌ على بُطلانِ صَلاتِه بالحَدثِ المُتقدِّمِ لا يُبطِلُ صَلاةَ المَأمومِ.

وتَحريرُه قِياسًا: أنَّ بُطلانَ طَهارةِ الإمامِ لا تُوجِبُ فسادَ صَلاةِ المأمومِ إذا لم يَعلمْ بحَدثِه عندَ مُتابعتِه، كمَن سبَقَه الحدَثُ، ولأنَّ كلَّ مَنْ عَمِلَ على


(١) «المغني» (٢/ ٢٩٣)، و «الروض المربع» (١/ ٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>