للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنِ الوليدِ فهامَ مع الوَحشِ، فلمْ يَزَلْ معها إلى إمارةِ عمرَ بنِ الخطَّابِ ، فأمسَكَه إنسانٌ فقالَ: خَلِّني وإلا مُتُّ، فلمْ يُخلِّه فماتَ مِنْ ساعتِه، وبلَغَنا أنَّ بعضَ الأمراءِ أخَذَ ساحرةً فجاءَ زوْجُها كأنه مُحتِرقٌ فقالوا: قولوا لها تَحُلُّ عني، فقالَتْ: ائتُوني بخُيوطٍ وبابٍ، فجلَسَتْ على البابِ حينَ أتَوها به وجعَلَتْ تَعقدُ وطارَ بها البابُ، فلمْ يَقدِروا عليها، فهذا وأمثالُه مثلَ أنْ يَعقدَ الرَّجلُ المُتزوجُ فلا يُطيقَ وطءَ زوجتِه هو السِّحرُ المُختلَفُ في حُكمِ صاحبِه، فأما الذي يَعزمُ على المَصروعِ ويَزعمُ أنه يَجمعُ الجِنَّ ويأمرُها فتُطيعُه فهذا لا يَدخلُ في هذا الحُكمِ ظاهِرًا، وذكَرَه القاضي وأبو الخطَّابِ في جُملةِ السَّحرةِ …

فصلٌ: فأما الكاهِنُ الذي له رَئيٌّ مِنْ الجِنِّ تأتيهِ بالأخبارِ والعرَّافُ الذي يَحدسُ ويَتخرَّصُ فقدْ قالَ أحمدُ في رِوايةِ حَنبلٍ في العرَّافِ والكاهِنِ والساحِرِ: أرَى أنْ يُستتابَ مِنْ هذه الأفاعيلِ، قيلَ لهُ: يُقتلُ؟ قالَ: لا، يُحبسُ لعلَّه يَرجعُ، قالَ: والعِرَافةُ طَرفٌ مِنْ السِّحرِ، والساحرُ أخبَثُ؛ لأنَّ السِّحرَ شُعبةٌ مِنْ الكُفرِ، وقالَ: الساحِرُ والكاهِنُ حُكمُهما القتلُ أو الحَبسُ حتى يَتوبَا؛ لأنهُما يُلبِّسانِ أمْرَهما، وحَديثُ عُمرَ: «اقتُلوا كلَّ ساحِرٍ وكاهِنٍ» وليسَ هو مِنْ أمرِ الإسلامِ، وهذا يَدلُّ أنَّ كلَّ واحِدٍ منهُما فيه رِوايتانِ:

إحداهُما: أنه يُقتلُ إذا لم يَتُبْ.

والثانيةُ: لا يُقتلُ؛ لأنَّ حُكمَه أخَفُّ مِنْ حُكمِ الساحِرِ وقد اختُلفَ فيه، فهذا بدَرءِ القتلِ عنه أَولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>