للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَتلُ والكُفرُ بتَوبتِها، ويَحتملُ أنها سحَرَتْها بمَعنى أنها ذهَبَتْ إلى ساحرٍ سحَرَ لها.

فصلٌ: وحَدُّ الساحرِ القَتلُ، رُويَ ذلك عن عُمرَ وعُثمانَ بنِ عفَّانَ وابنِ عُمرَ وحَفصةَ وجُندبِ بنِ عبدِ اللهِ وجُندبِ بنِ كَعبٍ وقيسِ بنِ سَعدٍ وعُمرَ ابنِ عَبدِ العزيزِ، وهو قَولُ أبي حَنيفةَ ومالكٌ.

ولم يَرَ الشافعيُّ عليه القَتلَ بمُجرَّدِ السِّحرِ، وهو قولُ ابنُ المُنذِرِ وروايةٌ عن أحمَدَ قد ذكَرْناها فيما تَقدَّمَ، ووَجهُ ذلك أنَّ عائِشةَ باعَتْ مُدبَّرةً سحَرَتْها، ولو وجَبَ قَتلُها لَمَا حَلَّ بيعُها، ولأنَّ النبيَّ قالَ: «لا يَحِلُّ دمُ امرِئٍ مُسلمٍ إلا بإحدَى ثَلاثٍ: كُفرٌ بعدَ إيمانٍ، أو زنًا بعدَ إحصانٍ، أو قتلُ نَفسٍ بغيرِ حَقٍّ» (١)، ولم يَصدرْ منه أحَدُ الثَّلاثةِ، فوجَبَ أنْ لا يَحلَّ دَمُه.

ولنا: ما رَوى جُندبُ بنُ عبدِ اللهِ عن النبيِّ أنه قالَ: «حَدُّ الساحِرِ ضَربُه بالسَّيفِ» (٢)، قالَ ابنُ المُنذِرِ: رواهُ إسماعيلُ بنُ مُسلمٍ وهو ضَعيفٌ، وروَى سعيدٌ وأبو داودَ في كتابَيهِما عن بَجالةَ قالَ: كنتُ كاتِبًا لجَزءِ بنِ مُعاويةَ عمِّ الأحنَفِ بنِ قَيسٍ إذ جاءَنا كتابُ عُمرَ قبلَ موتِه بسَنةٍ: اقتُلوا كلَّ ساحِرٍ، فقتَلْنا ثَلاثَ سواحِرَ في يَومٍ»، وهذا اشتَهرَ فلمْ يُنكَرْ فكانَ إجماعًا، وقتَلَتْ حَفصةُ جاريةً لها سحَرَتْها، وقتَلَ جُندبُ بنُ كعبٍ ساحرًا كانَ يَسحرُ بينَ يَدَي الوليدِ بنِ عُقبةَ، ولأنه كافِرٌ، فيُقتلُ؛ للخبَرِ الذي رَوَوهُ.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقدَّمَ.
(٢) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه الترمذي (١٤٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>