للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتَحريمِه وثبَتَ بالنقلِ المُتواترِ والإجماعِ عليهِ، وإلا فسَقَ ولم يَكفرْ؛ لأنَّ عائِشةَ باعَتْ مُدبَّرةً لها سحَرَتْها بمَحضرٍ مِنْ الصحابةِ، ولو كفَرَتْ لَصارتْ مُرتدةً يجبُ قَتلُها ولم يَجُزِ استِرقاقُها، ولأنه شيءٌ يَضرُّ بالناسِ، فلمْ يَكفرْ بمُجردِه كأذاهُم.

ولنا: قولُ اللهِ تعالَى: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا﴾ [البقرة: ١٠٢] أي: وما كفَرَ سُليمانُ، أي: وما كانَ ساحِرًا كفَرَ بسِحرِه، وقَولُهما: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ﴾ [البقرة: ١٠٢] أي لا تَتعلَّمْه فتَكفرَ بذلكَ، وقد رَوى هشامُ بنُ عُروةَ عن أبيه عن عائِشةَ «أنَّ امرأةً جاءَتْها فجعَلَتْ تَبكي بُكاءً شَديدًا وقالَتْ: يا أمَّ المُؤمنينَ إنَّ عَجوزًا ذهَبَتْ بي إلى هارُوتَ ومارُوتَ، فقلتُ: عَلِّماني السحرَ، فقالا: اتِّقي اللهَ ولا تَكفُرِي فإنكِ على رأسِ أمرِكِ، فقلتُ: عَلِّماني السحرَ، فقالا: اذهَبِي إلى ذلكَ التَّنورُ فبُولي فيهِ، ففعَلْتُ فرَأيتُ كأنَّ فارسًا مُقنَّعًا في الحَديدِ خرَجَ منِّي حتى طارَ فغابَ في السَّماءِ، فرَجَعتُ إليهِما فأخبَرتُهما فقالا: ذلكَ إيمانُكِ، فذكَرَتْ باقي القِصةَ إلى أنْ قالَتْ: واللهِ يا أمَّ المُؤمنينَ ما صَنعتُ شَيئًا غيرَ هذا ولا أصنَعُه أبدًا، فهل لي مِنْ تَوبةٍ؟ قالَتْ عائشةُ: ورأيتُها تَبكي بُكاءً شَديدًا، فطافَتْ في أصحابِ رسولِ اللهِ وهُم مُتوافرونَ تَسألُهم هل لها مِنْ تَوبةٍ؟ فما أفتاها أحَدٌ إلا أنَّ ابنَ عبَّاسٍ قالَ لها: إنْ كانَ أحَدٌ مِنْ أبوَيكِ حَيًّا فبِرِّيه وأكثِرِي مِنْ عَملِ البِرِّ ما استَطعْتِ»، وقولُ عائِشةَ قد خالَفَها فيه كَثيرٌ مِنْ الصحابةِ، وقالَ عليٌّ : «الساحرُ كافرٌ»، ويَحتملُ أنَّ المُدبَّرةَ تابَتْ فسقَطَ عنها

<<  <  ج: ص:  >  >>