قالَ ابنُ القاسمِ: كلُّ إمامٍ دخَلَ عَليهِ ما يُنقضُ صَلاتَه فتَمادى بهِم فإنَّ صَلاتَه مُنتقِضةٌ، وعَليهِم أنْ يُعيدُوا متَى عَلمُوا (١).
وذهَبَ الشَّافعيةُ إلى أنَّه لا يَجبُ عليهِم إعادةُ الصَّلاةِ، قالَ الإمامُ النَّوويُّ ﵀: إنْ صلَّى خلْفَ المُحدِثِ بجَنابةٍ أو بَولٍ وغَيرِه والمأمُومُ عالِمٌ بحدَثِ الإمامِ أَثِمَ بذلكَ وصَلاتُه باطِلةٌ بالإجماعِ.
وإنْ كانَ جاهِلًا بحدَثِ الإمامِ فإنْ كانَ في غَيرِ الجمُعةِ انعَقدَتْ صَلاتُه، فإنْ عَلمَ في أثناءِ الصَّلاةِ حدَثَ الإمامِ لَزمَه مُفارَقتُه وأتَمَّ صَلاتَه مُنفرِدًا بانِيًا على ما صلَّى معهُ، فإنِ استَمرَّ على المُتابَعةِ لحظةً أو لم يَنوِ المُفارَقةَ بَطلَتْ صَلاتُه بالاتِّفاقِ؛ لأنَّه صلَّى بعْضَ صَلاتِه خلْفَ مُحدِثٍ مع عِلمِه بحَدثِه، وممَّن صرَّحَ ببُطلانِ صَلاتِه إذا لم يَنوِ المُفارَقةَ ولم يُتابِعْه في الأفعالِ الشَّيخُ أبو حامِدٍ والقاضي أبو الطَّيبِ في تَعليقِهما والمَحامِليُّ وخَلائِقُ مِنْ كبارِ الأصحابِ، وإنْ لم يَعلمْ حتَّى سلَّمَ منها أجزَأتْهُ؛ لِمَا ذكَرَه المُصنِّفُ، وسواءٌ كانَ الإمامُ عالِمًا بحدَثِ نفْسِه أم لا؛ لأنَّه لا تَفريطَ مِنْ المأمومِ في الحالَينِ، هذا هوَ المَذهبُ وبهِ قطَعَ الجُمهورُ، وقالَ الشَّافعيُّ ﵀ في كِتابِ البُوَيطيِّ قبْلَ كِتابِ الجَنائزِ بأسطُرٍ: إنْ كانَ الإمامُ عالِمًا بحدَثِه لم تَصحَّ صلاةُ المأمومِينَ، وإنْ كانَ ساهِيًا صحَّتْ، ونقَلَ صاحبُ «التَّلخِيص» فيما إذا تَعمَّدَ الإمامُ قولَينِ في وُجوبِ الإعادَةِ وقالَ: هُمَا مَنصوصانِ للشَّافعيِّ،
(١) «الجامع لمسائل المدونة» (١/ ٢٥٦)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٤١٧)، و «شرح مختصر خليل» (٢/ ٢٣)، و «تحبير المختصر» (١/ ٤١٥)، و «المغني» (٢/ ٢٩٣، ٢٩٤)، و «الكافي» (١/ ١٨٢)، و «الإنصاف» (٢/ ٢٦٧، ٢٦٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute