يُقِرُّ برِسالةِ مُحمدٍ ﷺ إلا وهو مُقِرٌّ بمَن أرسَلَه وبتَوحيدِه؛ لأنه صدَّقَ النبيَّ ﷺ فيما جاءَ بهِ، وقد جاءَ بتَوحيدِه.
والثانيةُ: أنه إنْ كانَ مُقِرًّا بالتوحيدِ كاليَهودِ حُكمَ بإسلامِه؛ لأنَّ تَوحيدَ اللهِ ثابِتٌ في حَقِّه، وقد ضَمَّ إليهِ الإقرارَ برِسالةِ مُحمدٍ ﷺ، فكَملَ إسلامُه.
وإنْ كانَ غيرَ مُوحِّدٍ كالنَّصارى والمَجوسِ والوَثنيينَ لم يُحكَمْ بإسلامِه حتى يَشهدَ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وبهذا جاءَتْ أكثَرُ الأخبارِ، وهو الصَّحيحُ؛ لأنَّ مَنْ جحَدَ شَيئينِ لا يَزولُ جَحدُهما إلا بإقرارِه بهِما جَميعًا، وإنْ قالَ: «أشهَدُ أنَّ النبيَّ رَسولُ اللهِ» لم نَحكمْ بإسلامِه؛ لأنه يَحتملُ أنْ يُريدَ غيرَ نَبيِّنا، وإنْ قالَ: «أنا مُؤمنٌ، أو أنا مُسلمٌ» فقالَ القاضِي: يُحكَمُ بإسلامِه بهذا وإنْ لم يَلفظْ بالشهادتَينِ؛ لأنهُما اسمَانِ لشيءٍ مَعلومٍ مَعروفٍ وهو الشَّهادتانِ، فإذا أخبَرَ عن نَفسِه بما تَضمَّنَ الشهادتَينِ كانَ مُخبِرًا بهِما، ورَوى المِقدادُ أنه قالَ: «يا رَسولَ اللهِ أرَأيتَ إنْ لَقيتُ رَجلًا مِنْ الكفَّارِ فقاتَلَني فضرَبَ إحدَى يَديَّ بالسَّيفِ فقطَعَهما ثمَّ لاذَ منِّي بشَجرةٍ فقالَ: أسلَمْتُ، أفأقتُلُه يا رَسولَ اللهِ بعدَ أنْ قالَها؟ قالَ: لا تَقتلْه، فإنْ قَتلْتَه فإنه بمَنزلتِكَ قبلَ أنْ تَقتلَه وإنكَ بمَنزلتِه قبلَ أنْ يَقولَ كَلمتَه التي قالَها»، وعن عِمرانَ بنِ حُصينٍ قالَ: «أصابَ المُسلمونَ رَجلًا مِنْ بَني عَقيلٍ فأتَوا به النبيَّ ﷺ فقالَ: يا مُحمدُ إني مُسلمٌ، فقالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: لو كُنْتَ قُلتَ وأنتَ تَملكُ أمْرَكَ أفلَحْتَ كُلَّ الفَلاحِ» رَواهُما مُسلمٌ، ويَحتملُ أنَّ هذا في الكافرِ الأصليِّ أو مَنْ جحَدَ الوَحدانيةَ، أما مَنْ كفَرَ بجَحدِ نَبيٍّ أو كِتابٍ أو فَريضةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute