للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَن قالَ: «آمَنْتُ بالذي لا إلهَ غيرُه» لم يَكنْ مُؤمِنًا باللهِ؛ لأنه قد يُريدُ الوثَنَ، وكذا «لا إلهَ إلا الملِكُ أو الرَّزاقُ»؛ لأنه قد يُريدُ السُّلطانَ الذي يَملكُ أمْرَ الجُندِ ويُرتِّبُ أرزاقَهم، فإنْ قالَ: «آمَنتُ باللهِ» ولم يَكنْ على دِينٍ قبلَ ذلكَ صارَ مُؤمنًا باللهِ، فيَأتي بالشهادةِ الأخرَى، وإنْ كانَ مُشرِكًا لم يَصِرْ مُؤمنًا حتى يَضمَّ إليه «وكَفرْتُ بما كُنْتُ أشرَكتُ به».

ومَن قالَ بقِدمِ غيرِ اللهِ كَفى للإيمانِ باللهِ أنْ يقولَ: «لا قَديمَ إلا اللهُ» كمَن لم يَقلْ بهِ، ومَن لم يَقلْ به يَكفيهِ أيضًا «اللهُ ربِّي».

قالَ الشافِعيُّ : (وإنْ صَلَّى الكافرُ الأصليُّ في دارِ الحَربِ .. حُكمَ بإسلامِه، وإنْ صَلَّى في دارِ الإسلامِ .. لم يُحكَمْ بإسلامِه؛ لأنَّ الإنسانَ في دارِ الإسلامِ مُطالَبٌ بإقامةِ الصَّلاةِ مَحمولٌ على فِعلِها، فإذا فعَلَها الكافرُ هناكَ .. فالظاهِرُ أنه فعَلَها تقيَّةً لا اعتِقادًا، فلمْ يُحكَمْ بإسلامِه، وفي دارِ الكُفرِ هو غيرُ مُطالَبٍ بإقامةِ الصَّلاةِ، فإذا فعَلَها فيها .. فالظاهِرُ أنه فعَلَها اعتِقادًا لا تقيَّةً .. فحُكمَ بإسلامِه) (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : وأما الكافرُ بجَحدِ الدِّينِ مِنْ أصلِه إذا شَهدَ أنَّ مُحمدًا رَسولُ اللهِ واقتَصرَ على ذلكَ ففيهِ رِوايتانِ:

إحداهُما: يُحكَمُ بإسلامِه؛ لأنه رُويَ أنَّ يَهوديًّا قالَ: «أشهَدُ أنَّ مُحمدًا رَسولُ اللهِ ثم ماتَ فقالَ النبيُّ صَلُّوا على صاحِبِكم»، ولأنه لا


(١) «البيان» (١٢/ ٥٠، ٥١)، و «أسنى المطالب» (٤/ ١٢٤)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٤٣١، ٤٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>