للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحوِها فلا يَصيرُ مُسلمًا بذلكَ؛ لأنه ربَّما اعتَقدَ أنَّ الإسلامَ ما هو عليهِ، فإنَّ أهلَ البِدعِ كلَّهم يَعتقدونَ أنهُم هُمْ المُسلمونَ ومنهُم مَنْ هو كافِرٌ.

فَصلٌ: وإذا أتَى الكافرُ بالشهادتَينِ ثمَّ قالَ: «لم أُرِدِ الإسلامَ» فقدْ صارَ مُرتدًا ويُجبَرُ على الإسلامِ، نَصَّ عليه أحمَدُ في رِوايةِ جَماعةٍ، ونُقلَ عن أحمَدَ أنه يُقبلُ منه ولا يُجبَرُ على الإسلامِ؛ لأنه يَحتملُ الصِّدقَ، فلا يُراقُ دَمُه بالشُّبهةِ، والأولُ أَولى؛ لأنه قد حُكمَ بإسلامِه، فيُقتلُ إذا رجَعَ كما لو طالَتْ مُدتُه.

فَصلٌ: وإذا صلَّى الكافِرُ حُكمَ بإسلامِه، سَواءٌ كانَ في دارِ الحَربِ أو دارِ الإسلامِ أو صلَّى جَماعةً أو فُرادَى، وقالَ الشافِعيُّ: إنْ صلَّى في دارِ الحَربِ حُكمَ بإسلامِه، وإنْ صلَّى في دارِ الإسلامِ لم يُحكَمْ بإسلامِه؛ لأنه يَحتملُ أنه صلَّى رِياءً وتقيَّةً.

ولنا: إنَّ ما كانَ إسلامًا في دارِ الحَربِ كانَ إسلامًا في دارِ الإسلامِ كالشهادتَينِ، ولأنَّ الصلاةَ رُكنٌ يَختصُّ به الإسلامُ، فحُكمَ بإسلامِه به كالشهادتَينِ، واحتِمالُ التقيَّةِ والرِّياءِ يَبطلُ بالشهادتَينِ، وسواءٌ كانَ أصليًّا أو مُرتدًّا.

وأما سائِرُ الأركانِ مِنْ الزكاةِ والصيامِ والحَجِّ فلا يُحكَمُ بإسلامِه به، فإنَّ المُشركينَ كانوا يَحُجُّونَ في عَهدِ رسولِ اللهِ حتى منَعَهم النبيُّ فقالَ: «لا يَحُجُّ بعدَ العامِ مُشرِكٌ»، والزكاةُ صَدقةٌ وهم يَتصدَّقونَ، وقد فرضَ على نَصارَى بَني تَغلبَ مِنْ الزكاةِ مِثلَي ما يُؤخَذُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>