للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ: «أنا مُؤمنٌ، أو أنا مُسلمٌ» فقالَ القاضِي: يُحكَمُ بإسلامِه بهذا وإنْ لم يَلفظْ بالشهادتَينِ؛ لأنهُما اسمَانِ لشيءٍ مَعلومٍ مَعروفٍ وهو الشَّهادتانِ، فإذا أخبَرَ عن نَفسِه بما تَضمَّنَ الشهادتَينِ كانَ مُخبِرًا بهِما، ورَوى المِقدادُ أنه قالَ: «يا رَسولَ اللهِ أرَأيتَ إنْ لَقيتُ رَجلًا مِنْ الكفَّارِ فقاتَلَني فضرَبَ إحدَى يَديَّ بالسَّيفِ فقطَعَهما ثمَّ لاذَ منِّي بشَجرةٍ فقالَ: أسلَمْتُ، أفأقتُلُه يا رَسولَ اللهِ بعدَ أنْ قالَها؟ قالَ: لا تَقتلْه، فإنْ قَتلْتَه فإنه بمَنزلتِكَ قبلَ أنْ تَقتلَه وإنكَ بمَنزلتِه قبلَ أنْ يَقولَ كَلمتَه التي قالَها»، وعن عِمرانَ بنِ حُصينٍ قالَ: «أصابَ المُسلمونَ رَجلًا مِنْ بَني عَقيلٍ فأتَوا به النبيَّ فقالَ: يا مُحمدُ إني مُسلمٌ، فقالَ رَسولُ اللهِ : لو كُنْتَ قُلتَ وأنتَ تَملكُ أمْرَكَ أفلَحْتَ كُلَّ الفَلاحِ» رَواهُما مُسلمٌ، ويَحتملُ أنَّ هذا في الكافرِ الأصليِّ أو مَنْ جحَدَ الوَحدانيةَ، أما مَنْ كفَرَ بجَحدِ نَبيٍّ أو كِتابٍ أو فَريضةٍ ونحوِها فلا يَصيرُ مُسلمًا بذلكَ؛ لأنه ربَّما اعتَقدَ أنَّ الإسلامَ ما هو عليهِ، فإنَّ أهلَ البِدعِ كلَّهم يَعتقدونَ أنهُم هُمْ المُسلمونَ ومنهُم مَنْ هو كافِرٌ (١).

وقالَ الإمام المِرْداويُّ : وتَوبةُ المُرتدِّ إسلامُه، وهو أنْ يَشهدَ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وأنَّ مُحمدًا عَبدُه ورَسولُه، إلا أنْ تكونَ رِدتُه بإنكارِ فَرضٍ أو إحلالِ مُحرَّمٍ أو جَحدِ نَبيٍّ أو كِتابٍ أو انتَقلَ إلى دِينِ مَنْ يَعتقدُ أنَّ مُحمدًا بُعثَ إلى العَربِ خاصَّةً، فلا يَصحُّ إسلامُه حتى يُقِرَّ بما جحَدَه ويَشهدَ أنَّ مُحمدًا بُعثَ إلى العالَمينَ أو يَقولَ: «أنا بَريءٌ مِنْ كلِّ دِينٍ يُخالِفُ


(١) «المغني» (٩/ ٢٨، ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>