وهو غير هذا لَزمَه الإقرارُ بأنَّ هذا المَبعوثَ هو رَسولُ اللهِ؛ لأنه إذا اقتَصرَ على الشهادتَينِ احتُملَ أنه أرادَ ما اعتَقدَه.
وإنِ ارتَدَّ بجُحودِ فَرضٍ لم يُسلِمْ حتى يُقِرَّ بما جحَدَه ويُعيدَ الشهادتَينِ؛ لأنه كذَّبَ اللهَ ورسولَه بما اعتَقدَه، وكذلكَ إنْ جحَدَ نبيًّا أو آيةً مِنْ كِتابِ اللهِ تعالَى أو كتابًا مِنْ كُتبِه أو مَلكًا مِنْ مَلائكتِه الذينَ ثبَتَ أنهُم مَلائكةُ اللهِ أو استَباحَ مُحرَّمًا، فلا بُدَّ في إسلامِه مِنْ الإقرارِ بما جحَدَه.
وأما الكافرُ بجَحدِ الدِّينِ مِنْ أصلِه إذا شَهدَ أنَّ مُحمدًا رَسولُ اللهِ واقتَصرَ على ذلكَ ففيهِ رِوايتانِ:
إحداهُما: يُحكَمُ بإسلامِه؛ لأنه رُويَ أنَّ يَهوديًّا قالَ:«أشهَدُ أنَّ مُحمدًا رَسولُ اللهِ ثم ماتَ فقالَ النبيُّ ﷺ صَلُّوا على صاحِبِكم»، ولأنه لا يُقِرُّ برِسالةِ مُحمدٍ ﷺ إلا وهو مُقِرٌّ بمَن أرسَلَه وبتَوحيدِه؛ لأنه صدَّقَ النبيَّ ﷺ فيما جاءَ بهِ، وقد جاءَ بتَوحيدِه.
والثانيةُ: أنه إنْ كانَ مُقِرًّا بالتوحيدِ كاليَهودِ حُكمَ بإسلامِه؛ لأنَّ تَوحيدَ اللهِ ثابِتٌ في حَقِّه، وقد ضَمَّ إليهِ الإقرارَ برِسالةِ مُحمدٍ ﷺ، فكَملَ إسلامُه.
وإنْ كانَ غيرَ مُوحِّدٍ كالنَّصارى والمَجوسِ والوَثنيينَ لم يُحكَمْ بإسلامِه حتى يَشهدَ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وبهذا جاءَتْ أكثَرُ الأخبارِ، وهو الصَّحيحُ؛ لأنَّ مَنْ جحَدَ شَيئينِ لا يَزولُ جَحدُهما إلا بإقرارِه بهِما جَميعًا، وإنْ قالَ:«أشهَدُ أنَّ النبيَّ رَسولُ اللهِ» لم نَحكمْ بإسلامِه؛ لأنه يَحتملُ أنْ يُريدَ غيرَ نَبيِّنا، وإنْ