للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُرتدَّ في دارِ الحَربِ لا يُمكِنُ مَعرفةُ إسلامِه إلا بالصلاةِ؛ لأنه لا يُمكِنُه إظهارُ الشهادتَينِ، والمُرتدُّ في دارِ الإسلامِ يُمكِنُ مَعرفةُ إسلامِه بإظهارِ الشهادتَينِ.

وإذا ارتَدَّ ثم أسلَمَ ثم ارتَدَّ ثم أسلَمَ وتَكرَّرَ ذلكَ منه .. فإنه يُحكَمُ بصِحةِ إسلامِه، إلا أنه لا يُعزَّرُ في الرِّدةِ الأُولى؛ لجَوازِ أنْ يكونَ عرَضَتْ له شُبهةٌ، ويُعزَّرُ فيما بعدَها؛ لأنه لا شُبهةَ له (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : إذا ثبتَتْ رِدتُه بالبيِّنةِ أو غيرِها فشَهدَ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وأنَّ مُحمدًا رَسولُ اللهِ لم يُكشَفْ عن صِحةِ ما شَهدَ عليهِ به وخُلِّيَ سَبيلُه، ولا يُكلَّفُ الإقرارَ بما نُسبَ إليهِ؛ لقَولِ النبيِّ : «أُمرْتُ أنْ أقاتِلَ الناسَ حتى يَقولُوا لا إلهَ إلا اللهُ، فإذا قالُوها عَصَموا منِّي دِماءَهم وأموالَهم إلا بحَقِّها، وحِسابُهم على اللهِ ﷿» مُتفَقٌ عليه، ولأنَّ هذا يَثبتُ به إسلامُ الكافرِ الأصليِّ، فكذلكَ إسلامُ المُرتدِّ، ولا حاجَةَ مع ثُبوتِ إسلامِه إلى الكَشفِ عن صِحةِ ردَّتِه، وكَلامُ الخِرقيِّ مَحمولٌ على مَنْ كفَرَ بجَحدِ الوَحدانيةِ أو جَحدِ رِسالةِ مُحمدٍ أو جَحدِهما معًا، فأما مَنْ كفَرَ بغيرِ هذا فلا يَحصلُ إسلامُه إلا بالإقرارِ بما جحَدَه، ومَن أقَرَّ برِسالةِ مُحمدٍ وأنكَرَ كَونَه مَبعوثًا إلى العالَمينَ لا يَثبتُ إسلامُه حتى يَشهدَ أنَّ مُحمدًا رَسولُ اللهِ إلى الخَلقِ أجمَعينَ، أو يَتبَرَّأَ مع الشهادتَينِ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخالِفُ الإسلامَ، وإنْ زعَمَ أنَّ مُحمدًا رَسولٌ مَبعوثٌ


(١) «المهذب» (٢/ ٢٢٣)، و «البيان» (١٢/ ٥٠، ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>