للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ كانَ مُتأوِّلًا في كُفرِه بأنْ يقولَ: «إنَّ مُحمدًا رَسولُ اللهِ، ولكنَّه رسولُ اللهِ إلى الأمِّيينَ دونَ أهلِ الكتابِ»، أو يَقولَ: «هو نَبيٌّ، إلا أنه لم يُبعَثْ بعدُ» .. فلا يُحكَمُ بإسلامِه حتى يأتِيَ بالشهادتَينِ ويَبرأَ معهُما مِنْ كلِّ دِينٍ مُخالِفٍ دِينَ الإسلامِ؛ لأنه إذا اقتَصرَ على الشهادتَينِ .. احتُملَ أنْ يُريدَ ما يَعتقدُه.

وإنِ ارتَدَّ بجُحودِ فَرضٍ مُجمَعٍ عليهِ كالصلاةِ والزكاةِ، أو باستِباحةِ مُحرَّمٍ مُجمَعٍ عليهِ كالخَمرِ والخِنزيرِ والزنا .. لم يُحكَمْ بإسلامِه حتى يأتِيَ بالشهادتَينِ ويُقِرَّ بوُجوبِ ما جحَدَ وجوبَه وتَحريمِ ما استَباحَه مِنْ ذلكَ؛ لأنه كذَّبَ اللهَ ورَسولَه بما أخبَرَا به، فلمْ يُحكَمْ بإسلامِه حتى يُقِرَّ بتَصديقِهما بذلكَ.

قالَ الشافِعيُّ : (وإنْ صَلَّى الكافرُ الأصليُّ في دارِ الحَربِ .. حُكمَ بإسلامِه، وإنْ صَلَّى في دارِ الإسلامِ .. لم يُحكَمْ بإسلامِه؛ لأنَّ الإنسانَ في دارِ الإسلامِ مُطالَبٌ بإقامةِ الصَّلاةِ مَحمولٌ على فِعلِها، فإذا فعَلَها الكافرُ هناكَ .. فالظاهِرُ أنه فعَلَها تقيَّةً لا اعتِقادًا، فلمْ يُحكَمْ بإسلامِه، وفي دارِ الكُفرِ هو غيرُ مُطالَبٍ بإقامةِ الصَّلاةِ، فإذا فعَلَها فيها .. فالظاهِرُ أنه فعَلَها اعتِقادًا لا تقيَّةً .. فحُكمَ بإسلامِه).

وهكذا إنِ ارتَدَّ في دارِ الحَربِ ثم شَهدَ شاهِدانِ أنه يُصلِّي هناكَ .. فإنه يُحكَمُ بإسلامِه؛ لِمَا ذكَرْناهُ في الحَربيِّ، وإنِ ارتَدَّ في دارِ الإسلامِ ثم شَهدَ شاهِدانِ أنه يُصلِّي .. فإنه لا يُحكَمُ بإسلامِه؛ لِمَا ذكَرْناهُ في الحَربيِّ، ولأنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>