لعلَّه يَتوبُ فيَتوبَ اللهِ عليهِ، اللَّهمَّ لم أحضُرْ ولم آمُرْ ولم أرْضَ إذْ بلَغَني»، ولم يَختلِفِ الصحابةُ في استِتابةِ المُرتدِّ، فكأنهُم فَهِموا مِنْ قَولِه ﷺ:«مَنْ بدَّلَ دِينَه فاقتُلوهُ» أنَّ المُرادَ بذلكَ إذا لم يَتُبْ، والدليلُ على ذلكَ قولُه تعالَى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾ [التوبة: ٥]، فهو عُمومٌ في كلِّ كافرٍ.
وأما حَديثُ معاذٍ وأبي مُوسَى فلا حُجةَ فيه لمَن لم يَقُلْ بالاستِتابةِ؛ لأنه رُويَ أنه قد كانَ استَتابَه أبو مُوسَى، رَوى أبو بَكرٍ ابنُ أبي شَيبةَ قالَ: حدَّثَنا عبادُ بنُ العوَّامِ عن سَعيدٍ عن قَتادةَ عن حُميدِ بنِ هِلالٍ: «أنَّ مُعاذًا أتَى أبا مُوسَى وعندَه يَهوديٌّ أسلَمَ ثم ارتَدَّ، وقد استَتابَه أبو مُوسَى شَهرينِ فقالَ مُعاذٌ: لا أجلِسُ حتى أَضرِبَ عُنقَه»(١).
وقالَ الإمامُ الماوَرديُّ ﵀: يُستتابُ المُرتدُّ قبلَ قتلِه، فإنْ تابَ حُقنَ دَمُه، وقالَ الحَسنُ البَصريُّ: يُقتلُ مِنْ غيرِ استِتابةٍ، وقالَ عطاءٌ: إنْ وُلدَ في الإسلامِ قُتلَ مِنْ غيرِ استِتابةٍ، وإنْ وُلدَ في الكُفرِ ثمَّ أسلَمَ لم يُقتلْ إلا بعدَ الاستِتابةِ؛ استِدلالًا بقَولِ النبيِّ ﷺ:«مَنْ بدَّلَ دِينَه فاقتُلوهُ»، فلمْ يأمُرْ فيه إلا بالقَتلِ دونَ الاستِتابةِ، ولأنَّ قتْلَ الرِّدةِ حَدٌّ كالرَّجمِ في الزنا، فلمَّا لم يَلزَمِ استِتابةُ الزاني لم يَلزَمِ استِتابةُ المُرتدِّ.
ودَليلُنا: ما رَواهُ عُروةُ عن عائِشةَ ﵂ قالَتْ: «ارتَدَّتِ امرأةٌ يومَ أحُدٍ فأمَرَ النبيُّ ﷺ أنْ تُستتابَ، فإنْ تابَتْ وإلا قُتلَتْ»، وهذا