للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ رُشدٍ : الجِزيةُ تُؤخذُ مِنْ أهلِ الكِتابِ والمَجوسِ ومِن العَجمِ باتفاقٍ، ولا تُؤخذُ مِنْ قُريشٍ ولا مِنْ المُرتدينَ باتفاقٍ.

أمَّا المُرتدونَ فإنهُم لَيسوا على دِينٍ يُقَرُّونَ عليه؛ لقَولِه : «مَنْ بدَّلَ دِينَه فاضْرِبُوا عُنقَه» (١).

وقالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : وقد استَقرَّتِ السُّنةُ بأنَّ عُقوبةَ المُرتدِّ أعظَمُ مِنْ عُقوبةِ الكافرِ الأصليِّ مِنْ وُجوهٍ مُتعدِّدةٍ:

مِنها: أنَّ المُرتدَّ يُقتلُ بكلِّ حالٍ، ولا يُضرَبُ عليه جِزيةٌ، ولا تُعقَدُ له ذِمةٌ، بخِلافِ الكافرِ الأصليِّ.

ومنها: أنَّ المُرتدَّ يُقتلُ وإنْ كانَ عاجِزًا عن القِتالِ، بخِلافِ الكافرِ الأصليِّ الذي ليسَ هو مِنْ أهلِ القِتالِ؛ فإنه لا يُقتلُ عندَ أكثَرِ العلماءِ كأبي حَنيفةَ ومالِكٍ وأحمَدَ؛ ولهذا كانَ مَذهبُ الجُمهورِ أنَّ المُرتدَّةَ تُقتلُ كما هو مَذهبُ مالِكٍ والشافِعيِّ وأحمَدَ.

ومنها: أنَّ المُرتدَّ لا يَرثُ ولا يُناكَحُ ولا تُؤكلُ ذَبيحتُه، بخِلافِ الكافرِ الأصليِّ، إلى غيرِ ذلكَ مِنْ الأحكامِ.

وإذا كانَتِ الرِّدةُ عن أصلِ الدِّينِ أعظَمَ مِنْ الكُفرِ بأصلِ الدِّينِ فالردةُ عن شَرائعِه أعظَمُ مِنْ خُروجِ الخارجِ الأصليِّ عن شَرائعهِ (٢).

وهذا في حَقِّ الرَّجلِ بالإجماعِ، أما المَرأةُ فقَدِ اختَلفَ الفُقهاءُ فِيها.


(١) «التاج والإكليل» (٣/ ٣٨٠).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ٥٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>