وإنْ ذهَبَ مَشيُه بكَسرِ صُلبِه ففيهِ الدِّيةُ في قَولِ الجَميعِ، ولا يَجبُ أكثرُ مِنْ ديَةٍ؛ لأنها مَنفعةٌ تَلزمُ كسْرَ الصُّلبِ غالبًا، فأشبَهَ ما لو قطَعَ رِجليهِ، وإنْ لم يَذهبْ مَشيُه لكنْ ذهَبَ جِماعُه فيه الدِّيةُ أيضًا، رُويَ ذلكَ عن عليٍّ ﵁؛ لأنه نَفعٌ مَقصودٌ، فأشبَهَ ذَهابَ مَشيهِ، وإنْ ذهَبَ جِماعُه ومَشيُه وجَبَتْ ديَتانِ في ظاهِرِ كَلامِ أحمَدَ ﵀ في رِوايةِ ابنِه عبدِ اللهِ؛ لأنهُما مَنفعتانِ تَجبُ الدِّيةُ بذَهابِ كلِّ واحدةٍ منهُما مُنفردةٍ، فإذا اجتَمعتَا وجَبتْ ديَتانِ كالسَّمعِ والبَصرِ، وعن أحمَدَ: فيهِما ديَةٌ واحدةٌ؛ لأنهُما نَفعُ عُضوٍ واحدٍ، فلَم يَجبْ فيها أكثَرُ مِنْ ديَةٍ واحِدةٍ، كما لو قطَعَ لِسانَه فذهَبَ كَلامُه وذَوقُه، وإنْ جُبرَ صُلبُه فعادَتْ إحدَى المَنفعتينِ دونَ الأخرَى لم يَجبْ إلا ديَةٌ، إلا أنْ تَنقصَ الأخرَى فتَجبُ حُكومةٌ لنَقصِها، أو تَنقصَ مِنْ جِهةٍ أخرَى فيكونُ فيه حُكومةٌ لذلكَ، وإنِ ادَّعى ذَهابَ جِماعِه وقالَ رَجلانِ مِنْ أهلِ الخِبرةِ: «إنَّ مِثلَ هذهِ الجِنايةَ يَذهبُ بالجِماعِ» فالقَولُ قَولُ المَجنيِّ عليهِ مع يَمينِه؛ لأنه لا يُتوصَّلُ إلى مَعرفةِ ذلكَ إلا مِنْ جِهتِه، وإنْ كسَرَ صُلبَه فشَلَّ ذكَرَه اقتَضى كلامُ أحمَدَ وُجوبَ دِيتَينِ، لكَسرِ الصُّلبِ واحِدةٌ وللذكَرِ أخرَى، وفي قَولِ القاضي ومَذهبِ الشافِعيِّ: يَجبُ في الذكَرِ ديَةٌ وحُكومةٌ لكَسرِ الصُّلبِ، وإنْ أشَلَّ رِجليهِ ففيهِما ديَةٌ أيضًا، وإنْ أذهَبَ ماءَه دونَ جِماعِه احتَملَ وُجوبَ الدِّيةِ، وهذا يُروى عن مُجاهدٍ.
قالَ بَعضُ أصحابِ الشافِعيِّ: هو الذي يَقتضيهِ مَذهبُ الشافِعيِّ؛ لأنه ذهَبَ بمَنفعةٍ مَقصودةٍ، فوجَبَتِ الدِّيةُ، كما لو ذهَبَ بجِماعِه، أو كما
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute