للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو قطَعَ أُنثييهِ أو رَضَّهما، ويَحتملُ أنْ لا تَجبَ الدِّيةُ كامِلةً؛ لأنه لم يَذهبْ بالمَنفعةِ كلِّها (١).

وقالَ الحَنفيةُ: في الصُّلبِ الدِّيةُ كامِلةً إذا منَعَ الجِماعَ؛ لِما فيه مِنْ تَفويتِ مَنفعةٍ مَقصودةٍ، وهي مَنفعةُ النَّسلِ، وكذلكَ إذا حدَبَ، فإنَّ فيه تَفويتَ جَمالٍ كاملٍ؛ لأنَّ الجَمالَ للآدَميِّ في كَونِه مُنتصِبَ القامةِ، قيلَ في مَعنى قَولِه تعالَى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤)[التين: ٤]: مُنتصِبَ القامَةِ، وذلكَ يَفوتُ إذا حدَبَ، والجَمالُ للآدَميِّ مَطلوبٌ كالمَنفعةِ، فتَفويتُ الجَمالِ الكاملِ يُوجبُ ديَةً كامِلةً؛ فإنْ عاد إلى حالِه ولم يَنقصْه ذلكَ شَيئًا إلا أنَّ فيه أثَرَ الضَّربةِ ففيهِ حُكومةُ عَدلٍ؛ لأنه نَفَى بعضَ الشَّيئينِ ببَقاءِ أثَرِ الضَّربةِ، فيَجبُ باعتبارِه حُكمُ عَدلٍ (٢).

وقالَ المالِكيةُ: وفي الصُّلبِ الدِّيةُ، وكذلكَ إنْ قعَدَ عن القِيامِ كاليَدِ إذا شلَّتْ، وإنْ مَشَى وبَرئَ على عُثمٍ أو على حَدبٍ ففيهِ الاجتهادُ، وإنْ عادَ الصُّلبُ فأصيبَ في الخَطأِ لا شيءَ فيهِ (٣).

وجاءَ في «المُدوَّنة»: (قلتُ): أرَأيتَ الصُّلبَ إذا ضرَبَه الرَّجلُ فحَدبَ أتكونُ فيه الدِّيةُ؟ (قالَ): قالَ مالكٌ: في الصُّلبِ الدِّيةُ، قالَ ابنُ القاسمِ: إنما تكونُ الدِّيةُ في الصُّلبِ إذا أقعَدَه فلَم يَقدرْ على القِيامِ، مثلَ اليَدِ إذا شُلَّتْ،


(١) «المغني» (٨/ ٣٦٠).
(٢) «المبسوط» (٢٦/ ٦٩)، و «مجمع الأنهر» (٤/ ٣٤٥).
(٣) «الذخيرة» (١٢/ ٣٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>