إلا أنهم اختَلفُوا فيما لو لم يَذهبْ المَشيُ وإنما احتاجَ في مَشيهِ إلى عُكَّازٍ:
فذهَبَ الشافِعيةُ والقاضي مِنْ الحَنابلةِ إلى أنه إنْ كُسرَ صُلبُه انتظرَ، فإنْ جُبرَ وعادَ إلى حالتِه لَزمَتْه حُكومةُ الكَسرِ، وإنْ احدَودَبَ لَزمَه حُكومةٌ للشَّينِ الذي حصَلَ به.
وإنْ ضَعُفَ مَشيُه أو احتاجَ إلى عَصا لَزمتْه حُكومةٌ لنُقصانِ مَشيهِ، عجَزَ عن الَمشىِ وجَبَتْ عليهِ الدِّيةُ (١).
وذهَبَ الحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنه يَلزمُه الدِّيةُ إذا كُسرَ فلَم يَنجبِرْ.
قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: وفي الصُّلبِ الدِّيةُ إذا كُسرَ فلَم يَنجبرْ؛ لِما رُويَ في كتابِ النبيِّ ﷺ لعَمروِ بنِ حَزمٍ: «وفي الصُّلبِ الدِّيةُ»، وعن سَعيدِ بنِ المُسيبِ أنه قالَ: «مَضَتِ السُّنةُ أنَّ في الصُّلبِ الدِّيةَ»، وهذا يَنصرفُ إلى سُنةِ النبيِّ ﷺ، وممَّن قالَ بذلكَ زَيدُ بنُ ثابتٍ وعَطاءٌ والحَسنُ والزُّهريُّ ومالكٌ.
وقالَ القاضي وأصحابُ الشافِعيِّ: ليسَ في كَسرِ الصُّلبِ ديَةٌ، إلا أنْ يُذهِبَ مَشيَه أو جِماعَه فتَجبُ الدِّيةُ لتِلكَ المَنفعةِ؛ لأنه عُضوٌ لم تَذهبْ مَنفعتُه، فلَم تَجبْ فيه ديَةٌ كامِلةٌ كسائرِ الأعضاءِ.
ولنا: الخبَرُ، ولأنه عُضوٌ ليسَ في البَدنِ مثلُه فيه جَمالٌ ومَنفعةٌ، فوجَبَتِ الدِّيةُ فيه بمُفردِه كالأنفِ.
(١) «المهذب» (٢/ ٢٠٧)، و «البيان» (١١/ ٥٤٥، ٥٤٦)، و «مغني المحتاج» (٣٢٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute