للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ في «بُلغةِ السَّالِكِ»: قولُه: (وَصحَّت بلَحنٍ … ) إلخ، أي: غَيَّرَ المَعنى أو لا، وهذا القولُ هو أحَدُ أقوالٍ سِتَّةٍ، الثاني: تبطُلُ باللَّحنِ مُطلَقًا، الثَّالثُ: باللَّحنِ في الفاتِحةِ، الرابِعُ: إن غَيَّرَ المَعنى، الخامِسُ: الكَراهةُ عندَ ابنِ رُشدٍ، السادِسُ: الجَوازُ (١).

وقالَ القاضي عَبدُ الوهَّابِ المالِكيُّ : لا يَصحُّ أن يَكونَ الأُمِّيُّ إمامًا لِلقارِئِ؛ خِلافًا لِأحَدِ قولَيِ الشافِعيِّ، والكَلامُ فيه في فَصلَينِ:

أحَدُهما: أنَّ القارِئَ لا تَنعقِدُ له صَلاةٌ.

الآخَرُ: أنَّ الأُمِّيَّ لا تَنعقِدُ له صَلاةٌ أيضًا مع وُجودِ قارِئٍ يُمكِنُه أن يَأتَمَّ به.

ودَليلُنا على الفَصلِ الأوَّلِ قولُه : «الإمامُ ضامِنٌ». وذلك يَقتَضي أن يَكونَ نائِبًا عن المَأمومِ في القِراءةِ، وذلك لا يَصحُّ في الأُمِّيِّ؛ لقولِه: «يَؤُمُّ القَومَ أقرَؤُهم لِكتابِ اللهِ»، وهذا يَنفي إمامةَ الأُمِّيِّ، ولأنَّ ذلك يؤدِّي إلى أحَدِ أمرَينِ مَمنوعَينِ: إمَّا أن يُسقِطَ القِراءةَ عن المَأمومِ؛ فيَحصلَ فيه جَوازُ صَلاةِ بغيرِ قِراءةٍ، لا مِنْ المَأمومِ ولا مِنْ الإمامِ، أو تَلزَمه؛ فيَحصلَ فيه أنَّ الائتِمامَ لا يُؤثِّرُ في سُقوطِ القِراءةِ، وذلك بخِلافِ مُقتَضى الإمامةِ.

ودَليلنا على بُطلانِ صَلاةِ الأُمِّيِّ مع وُجودِ القارِئِ أنَّ الأُمِّيَّ إذا علِم بأنَّ خلفَه قارِئًا فهو يُمكِنُه أن يؤدِّيَ صَلاتَه بقِراءةٍ، بأن يَأتَمَّ بهذا القارِئِ، فيَتحمَّلَ عنه القِراءةَ، فإذا تركَ الائتِمَامَ به صارَ بمَنزِلةِ القارِئِ إذا صلَّى بغيرِ القِراءةِ؛ فلا يَجوزُ (٢).


(١) «بُلغة السَّالك» (١/ ٢٨٨).
(٢) «الإشراف على نُكت مسائل الخلاف» (١/ ٣٧٠، ٣٧٢) رقم (٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>