مَذهبُ الشافِعيِّ؛ لأنَّ المارِنَ وحْدَه مُوجِبٌ للديةِ، فوجَبَتِ الحُكومةُ في الزائدةُ كما لو قطَعَ القَصبةَ وحْدَها مع قطعِ لِسانِه.
ولنا: قولُه ﵇: «في الأنفِ إذا أُوعِبَ جَدعًا الدِّيةُ»، ولأنه عُضوٌ واحدٌ، فلَم يَجبْ به أكثرُ مِنْ ديَةٍ، كالذكَرِ إذا قُطعَ مِنْ أصلِه، وما ذَكَروهُ يَبطلُ بهذا، ويُفارِقُ ما إذا قطَعَ لِسانَه وقصَبتَه؛ لأنهُما عُضوانِ، فلا تَدخلُ ديَةُ أحدِهما في الآخَرِ، وأما العُضوُ الواحدُ فلا يَبعدُ أنْ يَجبَ في جَميعِه ما يَجبُ في بَعضِه، كالذكَرِ يَجبُ في حَشفتِه الدِّيةُ التي تَجبُ في جَميعِه، وأصابعِ اليَدِ يَجبُ فيها ما يَجبُ في اليدِ مِنْ الكُوعِ، وكذلكَ أصابعُ الرِّجلِ، وفي الثَّديِ كلِّه ما في حَلَمتِه.
فأما إنْ قطَعَ الأنفَ وما تَحتَه مِنْ اللحمِ ففي اللحمِ حُكومةٌ؛ لأنه ليسَ مِنْ الأنفِ، فأشبَهَ ما لو قطَعَ الذكَرَ واللَّحمَ الذي تحتَه.
فَصلٌ: فإنْ ضرَبَ أنفَه فأشَلَّه ففيه حُكومةٌ، وإنْ قطَعَه قاطعٌ بعدَ ذلكَ ففيه ديَتُه كما قُلنا في الأذُنِ، وقولُ الشافِعيِّ هاهُنا كقولِه في الأذنِ على ما مضَى شَرحُه وتِبيانُه، وإنْ ضرَبَه فعوَجَه أو غيَّرَ لونَه ففيه حُكومةٌ في قَولِهم جَميعًا، وفي قَطعِه بعدَ ذلكَ ديَةٌ كامِلةٌ، وإنْ قطَعَه إلا جِلدةً بقيَ مُعلَّقًا بها فلَم يَلتحمْ واحتِيجَ إلى قَطعِه ففيهِ ديَةٌ؛ لأنه قطَعَ جَميعَه، بعضَه بالمُباشَرةِ وباقيهِ بالتسبُّبِ، فأشبَهَ ما لو سرَى قَطعُ بعضِه إلى قَطعِ جَميعِه.
وإنْ رَدَّه فالتَحمَ ففيه حُكومةٌ؛ لأنه لم يَبِنْ، وإنْ أبانه فرَدَّه فالتَحمَ فقالَ أبو بكرٍ: ليسَ فيه إلا حُكومةٌ كالتي قبلَها، وقالَ القاضي: فيه ديَةٌ، وهذا