ولنا: قَولُ اللهِ تعالَى: ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢]، وقالَ: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢]، وهذا الجَنينُ إنْ كانَ مِنْ مُؤمنَينِ أو أحَدُ أبوَيهِ فهو مَحكومٌ بإيمانِه تَبعًا، يَرثُه وَرثتُه المُؤمنونَ ولا يَرثُ الكافرُ منه شَيئًا، وإنْ كانَ مِنْ أهلِ الذِّمةِ فهو مِنْ قَومٍ بينَنَا وبينَهُم مِيثاقٌ، ولأنه نَفسٌ مَضمونٌ بالدِّيةِ، فوجَبَتْ فيه الرقبةُ كالكبيرِ، وتَركُ ذِكرِ الكفَّارةِ لا يَمنعُ وُجوبَها، كقَولِه ﵇: «في النَّفسِ المُؤمنةِ مِائةٌ مِنْ الإبلِ»، وذكَرَ الدِّيةَ في مَواضعَ ولم يَذكرِ الكفَّارةَ، ولأنَّ النبيَّ ﷺ قضَى بدِيةِ المَقتولةِ على عاقِلةِ القاتلةِ ولم يَذكرْ كفَّارةً وهي واجِبةٌ، كذا هاهُنا، وإنما كانَ كذلكَ لأنَّ الآيةَ أغنَتْ عن ذِكرِ الكفَّارةِ في مَوضعٍ آخَرَ، فاكتُفيَ بها، وإنْ ألقَتِ المَضروبةُ أجنَّةً ففي كلِّ جَنينٍ كفَّارةٌ كما أنَّ في كلِّ جَنينٍ غُرةً أو ديَةً، وإنِ اشتَركَ جَماعةٌ في ضَربِ امرأةٍ فألقَتْ جَنينًا فدِيتُه أو الغرَّةُ عليهِم بالحِصصِ، وعلى كلِّ واحِدٍ منهُم كفَّارةٌ، كما إذا قتَلَ جَماعةٌ رَجلًا واحدًا، وإنْ ألقَتْ أجنَّةً فدِياتُهم عليهِم بالحِصصِ، وعلى كلِّ واحِدٍ في كلِّ جَنينٍ كفَّارةٌ، فلو ضرَبَ ثلاثةٌ بطنَ امرأةٍ فألقَتْ ثَلاثةَ أجنَّةٍ فعَليهم تِسعُ كفَّاراتٍ على كلِّ واحدٍ ثَلاثةٌ (١).
(١) «المغني» (٨/ ٣٢٦، ٣٢٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute