للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السُّنةُ في حَديثِ أُمِّ وَرَقةَ الأنصاريةِ: أنَّ المَرأةَ تَؤُمُّ الرِّجالَ عندَ الحاجةِ، كقيامِ رَمضانَ، إذا كانَت تَقرَأُ وَهُمْ لا يَقرؤُونَ، وتَقِفُ خلفَهم؛ لأنَّ المَرأةَ لا تَقِفُ في صَفِّ الرِّجالِ، ولا تَكونُ أمامَهم (١).

إلاَّ أنَّهم اختَلَفوا في إمامة المرأةِ للنِّساءِ: هل تَصحُّ أو لا؟

فذَهب المالِكيَّةُ إلى أنَّه يُشترَطُ في الإمامِ أن يَكونَ ذَكَرًا؛ فلا تَصحُّ إمامةُ المَرأةِ، سَواءٌ أَمَّت رِجالًا أو نِساءً في فَريضةٍ أو نافِلةٍ؛ لأنَّ الإمامةَ مِنْ بابِ الوِلايةِ. وثَبت عنه أنَّه قالَ: «لن يُفلِحَ قَومٌ وَلَّوا أمرَهمُ امرَأةً»؛ ولأنَّ كلَّ مَنْ لم يَصحَّ أن يَكونَ إمامًا لِلرِّجالِ لم يَصحَّ أن يَكونَ إمامًا لِلنِّساءِ، كالمَجنونِ والصَّبِيِّ (٢).

وذَهب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابلَةُ واللَّخمِيُّ مِنْ المالِكيَّةِ إلى جَوازِ إمامةِ المَرأةِ لِلنِّساءِ، واستدَلُّوا بحَديثِ أُمِّ وَرَقةَ السابقِ، لكن كَرِهَ الحَنفيَّةُ والإمامُ أحمدَ في رِوايةٍ إمامَتَها لَهنَّ؛ لأنَّها لا تَخلو مِنْ نَقصِ واجِبٍ أو مَندوبٍ، فإنَّه يُكرَه لَهنَّ الأذانُ والإقامةُ، ويُكرَهُ تَقدُّمُ المَرأةِ الإمامةِ عليهِنَّ، فإذا صلَّتِ النِّساءُ صَلاةَ الجَماعةِ بإمامةِ امرأةٍ وقفَت وَسَطَهُنَّ، قالَ ابنُ قُدامةَ : لا نَعلمُ فيه خِلافًا بينَ مَنْ رَأى لها أن تَؤمَّهُنَّ، ولأنَّ المَرأةَ يُستحبُّ لها السَّترُ، ولذلك لا يُستحبُّ لها التَّجافي، وكَونُها في وَسَطِ الصَّفِّ أستَرُ لها؛ لأنَّها تَستَتِرُ بهِنَّ مِنْ جانِبَيها؛ فاستُحِبَّ لها


(١) «جامع المسائل» (١/ ٩٢).
(٢) «الإشراف على نُكت مسائل الخلاف» (١/ ٣٧٠) رقم (٢٨٦)، و «التوضيح» (١/ ٤٥٦)، و «شرح مختصر خليل» (٢/ ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>