للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك، كالعُريانِ، فإن صلَّت بينَ أيديهِنَّ احتَمَلَ أن يَصحَّ؛ لأنَّه مَوقِفٌ في الجُملةِ، ولهذا كانَ مَوقِفًا لِلرِّجالِ، واحتَمَلَ ألَّا يَصحَّ؛ لأنَّها خالَفَت مَوقِفَها، أشبَهَ ما لو خالَفَ الرَّجلُ مَوقِفَه (١).

وقالَ اللَّخمِيُّ : فأمَّا إمامَتُها النِّساءَ، فالصَّوابُ جَوازُها ابتِداءً، عندَ عدمِ مَنْ يَؤُمُّهُنَّ مِنْ الرِّجالِ، وذلك أحسَنُ مِنْ صَلاتِهنَّ أفذاذًا، ويُكرَه مع وُجودِ مَنْ يَؤُمُّهُنَّ مِنْ الرِّجالِ، فإن فَعَلنَ أجزَأَت صَلاتُهنَّ؛ لتَساوِي حالِهنَّ؛ ولأنَّه لم يأتِ أثَرٌ عن النَّبيِّ بمَنعِ إمامَتِهنَّ (٢).

وقال ابنُ رُشدٍ : اختَلَفوا في إمامةِ المَرأةِ، فالجُمهورُ على أنَّه لا يَجوزُ أن تَؤُمَّ الرِّجالَ، واختَلَفوا في إمامَتِها النِّساءَ، فأجازَ ذلك الشافِعيُّ، ومنعَ ذلك مالِكٌ، وشَذَّ أبو ثَورٍ والطَّبريُّ، فأجازا إمامَتَها على الإطلاقِ، وإنَّما اتَّفق الجُمهورُ على مَنعِها أن تَؤُمَّ الرِّجالَ؛ لأنَّه لو كانَ جائِزًا لَنُقِلَ ذلك عن الصَّدرِ الأوَّلِ، ولأنَّه أيضًا لمَّا كانَت سُنَّتُهنَّ في الصَّلاةِ التأخيرَ عن الرِّجالِ، عُلم أنَّه ليس يَجوزُ لَهنَّ التَّقَدُّمُ عليهم؛ لقولِه : «أخِّرُوهُنَّ حيثُ أخرَهُنَّ اللهُ»، ولذلك أجازَ بَعضُهم إمامَتَها النِّساءَ؛ إذا كُنَّ مُتَساوِياتٍ في المَرتَبةِ في الصَّلاةِ، مع أنَّه أيضًا نُقِلَ ذلك عن بعضِ الصَّدرِ الأوَّلِ.


(١) «المغني» (٢/ ٤١٦، ٤١٧)، ويُنظر: «البحر الرائق» (١/ ٣٧٢)، و «الفتاوى الهندية» (١/ ٨٥)، و «الشرح الصغير» (١/ ٢٨٥)، و «شرح مختصر خليل» (٢/ ٢٢)، و «الحاوي الكبير» (٢/ ٣٥٦)، و «المجموع» (٥/ ٣٣٩)، و «كشاف القناع» (١/ ٤٧٩)، و «الإنصاف» (٢/ ٢٦٥).
(٢) «التبصرة» (١/ ٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>