للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجَماعةُ فُقهاءِ الأمصارِ يَقولونَ في المَرأةِ إذا ماتَتْ مِنْ ضَربةِ بَطنِها ثم خرَجَ الجَنينُ مَيتًا بعدَ مَوتها أنه لا يُحكَمُ فيه بشَيءٍ، وأنه هَدرٌ إذا ألقَتْه بعدَ مَوتِها، إلا الليثَ وداودَ فإنهُما قالَا: إذا ضرَبَ بطن امرأةٍ وهيَ حيَّةٌ فألقَتْ جَنينًا مَيتًا ففيهِ الغُرةُ، وسَواءٌ ألقَتْه بعدَ مَوتِها أو قبلَ مَوتِها.

وسائرُ الفُقهاءِ يَقولونَ: إذا عُلِمتْ حَياتَه بحَركةٍ أو عُطاسٍ أو استِهلالٍ أو بغيرِ ذلكَ ممَّا يُستيقَنُ به حَياتُه ثم ماتَ ففيهِ الدِّيةُ كامِلةً.

واتَّفقَ الجَميعُ على أنَّ الضارِبَ العامِدَ لضَربِ بَطنِ المرأةِ لو ألقَتْ جَنينًا مَيتًا أنه لا يَجبُ عليهِ قَودٌ ولا دِيةٌ (١).

وقالَ الإمامُ أبو عُمرَ ابنُ عَبدِ البَرِّ : أجمَعَ العُلماءُ أنَّ الغُرةَ تَجبُ في الجَنينِ الذي يَسقطُ مِنْ بَطنِ أمِّه مَيتًا وهي حَيةٌ في حينِ سُقوطِه، وأنَّ الذكَرَ والأُنثى في ذلكَ سواءٌ، في كلِّ واحدٍ منهُما الغُرةُ (٢).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : واتَّفقَ العُلماءُ على أنَّ ديَةَ الجَنينِ هي الغُرةُ، سَواءٌ كانَ الجَنينُ ذكَرًا أو أُنثى، قالَ العُلماءُ: وإنما كانَ كذلكَ لأنه قد يَخفَى فيَكثرُ فيه النِّزاعُ، فضبَطَه الشرعُ بضابطٍ يَقطعُ النزاعَ، وسَواءٌ كانَ خَلقُه كامِلَ الأعضاءِ أم ناقِصَها، أو كانَ مُضغةً تَصوَّرَ فيها خَلقُ آدَميٍّ، ففي كلِّ ذلكَ الغُرةُ بالإجماعِ (٣).


(١) «الإقناع» (٢/ ٢٩٥، ٢٩٧)، و «الإشراف» (٤/ ٢٦٢، ٢٦٣)، و «الإجماع» (٧٠٦، ٦٠٧، ٧٠٨، ٧٠٩).
(٢) «الاستذكار» (٨/ ٧٤).
(٣) «شرح صحيح مسلم» (١١/ ١٧٦)، و «البيان» (١١/ ٤٩٥، ٤٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>