للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : مسألة: قال: (وإذا شَربَتِ الحامِلُ دَواءً فألقَتْ به جَنينًا فعَليها غُرةٌ لا تَرثُ منها شَيئًا وتُعتِقُ رَقبةً).

ليسَ في هذهِ الجُملةِ اختِلافٌ بينَ أهلِ العِلمِ نَعلمُه، إلا ما كانَ مِنْ قولِ مَنْ لم يُوجِبْ عِتقَ الرقبةِ على ما قدَّمْنا؛ وذلكَ لأنها أسقَطَتِ الجَنينَ بفِعلِها وجِنايتِها، فلَزمَها ضَمانُه بالغُرةِ كما لو جنَى عليهِ غيرُها، ولا تَرثُ مِنْ الغُرةِ شَيئًا؛ لأنَّ القاتلَ لا يَرثُ المَقتولَ، وتكونُ الغُرةُ لسائرِ وَرثتِه، وعليهَا عِتقُ رَقبةٍ كما قدَّمْنا، ولو كانَ الجاني المُسقِطُ للجَنينِ أباهُ أو غيرَه مِنْ وَرثتِه فعَليهِ غُرةٌ لا يَرثُ منها شَيئًا ويُعتِقُ رقبةً، وهذا قولُ الزُّهريِّ والشافِعيِّ وغيرِهما (١).

وقالَ قبلَ ذلكَ: مَسألةٌ: قالَ: (وعلى كلِّ مَنْ ضرَبَ ممَّن ذَكرتُ عِتقُ رقبةٍ مُؤمنةٍ، سواءٌ كانَ الجَنينُ حيًّا أو مَيتًا).

هذا قَولُ أكثَرِ أهلِ العِلمِ، منهُم الحَسنُ وعَطاءٌ والزُّهريُّ والحَكمُ ومالكٌ والشافِعيُّ وإسحاقُ، قالَ ابنُ المُنذرِ: كلُّ مَنْ نَحفظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ أوجَبَ على ضاربِ بَطنِ المَرأةِ تُلقي جَنينًا الرَّقبةَ مع الغُرةِ، ورُويَ ذلكَ عن عُمرَ ، وقالَ أبو حَنيفةَ: لا تَجبُ الكفَّارةُ؛ لأنَّ النبيَّ لم يُوجِبِ الكفَّارةَ حينَ أوجَبَ الغُرةَ.

ولنا: قَولُ اللهِ تعالَى: ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢]، وقالَ: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ


(١) «المغني» (٨/ ٣٢٧)، و «كشاف القناع» (٦/ ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>