للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّمرِ مِثلَي قِيمتِه حينَ درَأَ عنه القَطعَ، وهذا حكَمَ النبيُّ في سارقِ التَّمرِ، فيَثبتُ مثلُه هاهُنا، ولو كانَ القاتلُ ذِميًّا أو قتَلَ ذِميٌّ مُسلمًا لم تُضعَّفِ الدِّيةُ عليهِ؛ لأنَّ القِصاصَ عليهِ واجِبٌ في المَوضعينِ، وجُمهورُ أهلِ العِلمِ على أنَّ ديَةَ الذِّميِّ لا تُضاعَفُ بالعَمدِ؛ لعُمومِ الأثَرِ فيها، ولأنها ديةٌ واجبةٌ، فلَم تضاعَفْ كدِيَةِ المُسلمِ، أو كما لو كانَ القاتلُ ذِميًّا، ولا فرْقَ في الدِّيةِ بينَ الذِّميِّ وبينَ المُستأمنِ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهُما كِتابيٌّ مَعصومُ الدمِ (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ وأحمَدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ ديَةَ اليَهوديٌّ والنصرانِيٌّ والمُعاهَدٌ والمُستأمَنٌ دِيةُ كلٍّ مِنهمْ إذا كانَ مَعصومًا تَحلُّ مُناكَحتُه ثُلثُ دِيةِ مُسلمٍ نَفسًا؛ لِما رُويَ عن عُبادةَ بنِ الصامِتِ مَرفوعًا: «قضَى النبيُّ أنَّ ديَةَ اليَهوديِّ والنَّصرانِيِّ أربَعةُ آلافِ دِرهمٍ» (٢).

وعن سَعيدِ بنِ المُسيبِ قالَ: قالَ عُمرُ : «دِيةُ اليَهوديِّ والنَّصرانِيِّ أربَعةُ آلافٍ، والمَجوسيِّ ثَمانُمِائةٍ» (٣).

والمَجوسيُّ والوَثنيُّ المُؤمَّنُ -أي: الداخِلُ بأمانٍ إلى دارِ الإسلامِ- دِيتُه أخَسُّ الدِّياتِ، وهي ثُلثَا عُشرِ دِيةِ مُسلمٍ، ففيهِ عندَ التَّغليظِ حِقَّتانِ وجَذعتانِ وخَلِفتانِ وثُلثَا خَلِفةٍ، وعندَ التَّخفيفِ بَعيرٌ وثُلثٌ مِنْ كلِّ سِنٍّ.


(١) «المغني» (٨/ ٢١٢، ٢١٣).
(٢) لم أقف عليه عن عبادة.
(٣) «رواه الدارقطني» (٣٢٤٧، ٣٢٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>