للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلَبَ القَودِ بعدَ اختيارِ الديةِ؛ لأنه إذا أسقطَ لا يَعودُ، فإنْ قتَلَه بعدَ اختيارِ الديةِ قُتلَ به؛ لأنه عَمدٌ عُدوانٌ.

وعندَ الشافِعية في قَولٍ: إنِ اختارَ الديَةَ لا يَسقطُ القِصاصُ، ولو اختارَ القِصاصَ لم يَسقطْ حقُّه مِنْ الديَةِ، بل يَبقَى خِيارُه كما كانَ.

وإنْ عَفَا مُطلقًا بأنْ لم يُقيِّدْه بقَودٍ ولا دِيةٍ فله الديةُ؛ لانصرافِ العفوِ إلى القودِ؛ لأنه في مُقابَلةِ الانتقامِ، والانتقامُ إنما يكونُ بالقتلِ.

أو عَفا على غيرِ مالٍ بأنْ عَفَا على خَمرٍ ونحوِه فلَه الديةُ، أو عفَا على القَودِ مُطلقًا بأنْ قالَ: «عَفوتُ عن القَودِ» ولم يُقيِّدْه بشيءٍ ولو كانَ العَفوُ عن يَدِه -أي المَجنيِّ عليهِ، أو رِجلِه ونَحوِهما- فلهُ الديةُ؛ لانصِرافِ العَفوِ إلى القودِ.

وإنْ قالَ مُستحقُّ القَودِ لمَن له عَليهِ قَودٌ: «عَفوتُ عن جِنايتِكَ، أو عَفوتُ عنكَ» بَرئَ مِنْ الديَةِ كالقَودِ عندَ الشافِعيةِ والحَنابلةِ في المَذهبِ؛ لأنَّ عَفوَه عن ذلكَ يَتناولُهما.

وقيلَ: إنْ قصَدَها، وقيلَ: إنِ ادَّعَى قصْدَ القَودِ فقطْ قُبلَ، وإلا بَرئَ (١).

قالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : اتَّفقُوا على أنَّ لوليِّ الدمِ أحَدَ شَيئينِ: القِصاصَ أو العَفوَ، إما على الدِّيةِ وإما على غيرِ الديةِ.


(١) «الحاوي الكبير» (١٢/ ٩٥، ٩٦)، و «المهذب» (٢/ ١٨٨)، و «روضة الطالبين» (٦/ ٢٥٩، ٢٦١)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٤٣٩، ٤٤٢)، و «المغني» (٨/ ٢٨٤، ٢٨٥)، و «الكافي» (٤/ ٤٩)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٢٩)، و «المبدع» (٨/ ٣٠٥)، و «كشاف القناع» (٥/ ٦٤٠، ٦٤١)، و «مطالب أولي النهى» (٦/ ٦١، ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>