وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ ﵀: واختَلفُوا في كَسرِ ما كُسرَ منها مثلَ الساقِ والذِّراعِ هل فيه قَودٌ أم لا؟ فذهَبَ مالكٌ وأصحابُه إلى أنَّ القودَ في كَسرِ جَميعِ العِظامِ إلا الفَخِذَ والصُّلبَ.
وقالَ الشافِعيُّ والليثُ: لا قِصاصَ في عَظمٍ مِنْ العِظامِ بكَسرٍ، وبه قالَ أبو حَنيفةَ إلا أنه استَثنَى السنَّ.
ورُويَ عن ابنِ عبَّاسٍ أنه لا قِصاصَ في عَظمٍ، وكذلكَ عن عُمرَ.
قالَ أبو عُمرَ ابنُ عبدِ البَرِّ: ثبَتَ أنَّ النبيَّ ﷺ أقادَ في السِّنِّ المَكسورةِ مِنْ حَديثِ أنسٍ، قالَ: وقد رُويَ مِنْ حَديثٍ آخرَ «أنَّ النبيَّ ﵊ لم يُقِدْ مِنْ العَظمِ المَقطوعِ في غيرِ المَفصلِ»، إلا أنه ليسَ بالقَويِّ.
ورُويَ عن مالكٍ أنَّ أبا بكرِ بنَ مُحمدِ بنِ عَمرِو بنِ حَزمٍ أقادَ مِنْ كَسرِ الفَخذِ (١).
وقالَ الإمامُ القُرطبيُّ ﵀: والحُجةُ لمالِكٍ حَديثُ أنسٍ في السنِّ وهي عَظمٌ، فكذلكَ سائرُ العِظامِ، إلا عَظمًا أجمَعُوا على أنه لا قِصاصَ فيه لخَوفِ ذَهابِ النَّفسِ منه، قالَ ابنُ المُنذرِ: ومَن قالَ: «لا قِصاصَ في عَظمٍ» فهو مُخالِفٌ للحَديثِ، والخُروجُ إلى النظرِ غيرُ جائزٍ مع وُجودِ الخبَرِ، قلتُ: ويَدلُّ على هذا أيضًا قَولُه تعالَى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ