للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنُ النَّضرِ: أتُكسَرُ ثَنيةُ الربيِّعِ؟! لا والذي بعَثَكَ بالحقِّ لا تُكسَرُ ثَنيتُها، فقالَ رَسولُ اللهِ: يا أنسُ كِتابُ اللهِ القِصاصُ، ثمَّ أرضَى القَومَ فكَفُّوا، فقالَ رَسولُ اللهِ: إنَّ مِنْ عِبادِ اللهِ مَنْ لو أقسَمَ على اللهِ لَأبرَّه» (١).

قالَ أبو عُمرَ: هذا الحَديثُ حُجةٌ لمالكٍ، وهو حَديثٌ ثابتٌ، وإذا كانَ القِصاصُ في السنِّ إذا كُسرَتْ وهي عَظمٌ فسائرُ العِظامِ كذلكَ، إلا عَظمًا اجتَمَعوا على أنه لا قِصاصَ فيه لخَوفِ ذَهابِ النَّفسِ منه، أو لأنه لا يُقدَرُ على الوُصولِ فيه إلى مِثلِ الجِنايةِ بالسَّواءِ، واللهُ أعلَمُ.

وأما الحَديثُ الآخَرُ الذي يَنفِي القِصاصَ في العِظامِ فحَدَّثَناهُ عبدُ الوارثِ بنُ سُفيانَ قالَ: حدَّثَنا قاسمُ بنُ أصبَغَ قالَ: حَدَّثنا أحمَدُ بنُ زَهيدٍ قالَ: حَدَّثنا مُحمدُ بنُ مَنيعٍ قالَ: حَدَّثنا أبو بكرِ بنُ عيَّاشٍ عن دَهثَمِ بنِ قُرَّانَ عن نَمِرانَ بنِ جاريَةَ عن أبيه «أنَّ رَجلًا ضرَبَ رَجلًا على ساعِدِه بالسيفِ مِنْ غيرِ المَفصلِ فقطَعَها، فاستَعدَى النبيَّ فأمَرَ له بالدِّيةِ، فقالَ: يا رَسولَ اللهِ إني أريدُ القِصاصَ، فقالَ: خُذِ الديَةَ بارَكَ اللهُ لكَ فيها، ولم يَقْضِ له بالقِصاصِ».

قالَ أبو عُمرَ: ليسَ لهذا الحَديثِ غيرُ هذا الإسنادِ، ودَهثمُ بنُ قُرَّانَ العُكليِّ ضَعيفٌ أعرابيٌّ ليسَ حَديثُه ممَّا يُحتجُّ به، ونَمِرانُ بنُ جاريةَ أعرابيٌّ أيضًا وأبوهُ جاريةُ بنُ ظَفَرٍ مَذكورٌ في الصحابةِ (٢).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تقدَّمَ.
(٢) «الاستذكار» (٨/ ١٨٣، ١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>