للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

: «صَلُّوا خلفَ مَنْ قالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللهُ» (١)؛ وكانَ ابنُ عمرَ يُصلِّي مع الحَجَّاجِ، وكانَ الحَسنُ والحُسَينُ وغيرُهما مِنْ الصَّحابَةِ يُصَلُّونَ مع مَروانَ، والَّذينَ كانوا في وِلايةِ زِيادٍ وابنِه كانوا يُصَلُّون معهما، وصَلوا وَراءَ الوَليدِ بنِ عُقبةَ، وقد شرِب الخَمرَ، فصارَ هذا إجماعًا، وعن أبي ذَرٍّ قالَ: قالَ لي رَسولُ اللهِ : «كَيفَ أنتَ إذا كانَت عَلَيكَ أُمرَاءُ يُؤخِّرُونَ الصَّلاةَ عن وقتِهَا، أو يُمِيتُونَ الصَّلاةَ عن وقتِهَا؟ قالَ: قُلتُ: فمَا تَأمُرُنِي؟ قالَ: صَلِّ الصَّلاةَ لِوقتِهَا، فَإِنْ أَدرَكتَها معَهم فَصَلِّ؛ فإنَّها لكَ نَافِلَةٌ» (٢) رَواه مُسلِمٌ، وهذا فِعلٌ يَقتَضي فِسقَهم، ولأنَّه رَجلٌ تَصحُّ صَلاتُه لِنَفسِه، صحَّ الائتِمَامُ به، كالعَدلِ.

ووَجهُ الأُولى ما ذكَرنا مِنْ الحَديثِ، ولأنَّ الإمامةَ تَتضَمَّنُ حَملَ القِراءةِ ولا يُؤمَنُ تَركُه لها، ولا يُؤمَنُ تَركُ بعضِ شَرائِطِها، كالطَّهارَةِ، وليس ثَمَّ أمارةٌ، ولا عليه ظَنٌّ يُؤمِنُنا ذلك، والحَديثُ أجَبنا عنه، وفِعلُ الصَّحابةِ مَحمولٌ على أنَّهم خافوا الضَّرَرَ بتَركِ الصَّلاةِ معهم … وحَديثُ أبي ذَرٍّ يدلُّ على صحَّتِها نَافِلةً، والنِّزاعُ إنَّما هو في الفَرضِ، وأمَّا الجُمَعُ والأعيادُ فتُصلَّى خلفَ كلِّ بَرٍّ وفاجِرٍ، وقد كانَ أحمدُ يَشهَدُها مع المُعتَزِلةِ، وكذلك مَنْ كانَ مِنْ العُلماءِ في عَصرِه، وقد رُويَ أنَّ رَجلًا جاءَ مُحمدَ بنَ النَّضرِ فقالَ له: إنَّ لي جِيرانًا مِنْ أهلِ الأهواءِ، لا يَشهَدونَ الجمُعةَ. قالَ: حَسبُكَ، ما تَقُولُ فيمَن ردَّ على أبي بَكرٍ وعمرَ؟ قالَ: ذلك رَجلُ سُوءٍ. قالَ: فإن ردَّ


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: سبق تخريجه.
(٢) رواه مُسلِم (٤٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>