للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلكَ الوقتُ، وهذا قَولُ بعضِ أصحابِ الشافِعيِّ؛ لأنها تَحتملُ العودَ، فأشبَهَتْ سنَّ مَنْ لم يُثغرْ.

وإذا ثبَتَ هذا فإنها إنْ لم تَعُدْ بعدُ فلا كَلامَ، وإنْ عادَتْ لم يجبْ قِصاصٌ ولا دِيةٌ، وهذا قولُ أبي حَنيفةَ وأحَدُ قولَي الشافِعيِّ، وقالَ في الآخَرِ: لا يَسقطُ الأرشُ؛ لأنَّ هذه السِّنَّ لا تَستخلفُ عادةً، فإذا عادَتْ كانَتْ هِبةً مُجدَّدةً، ولذلكَ لا يُنتظرُ عَودُها في الضمانِ.

ولنا: إنها سِنٌّ عادَتْ، فسقَطَ الأرشُ كسِنِّ مَنْ لم يُثغرْ، ونُدرةُ وُجودِها لا يَمنعُ ثبوتَ حُكمِها إذا وُجدتْ، فعلى هذا إنْ كانَ أخَذَ الأرشَ رَدَّه، وإنْ كانَ استَوفَى القِصاصَ لم يَجزْ قَلعُ هذهِ قصاصًا؛ لأنه لم يَقصدِ العُدوانَ، وإنْ عادَتْ سِنُّ الجاني دُونَ سِنِّ المَجنيِّ عليهِ ففيه وَجهانِ:

أحَدُهما: لا تُقلعُ؛ لئلَّا يَأخذَ سِنَّينِ بسِنٍّ واحدةٍ، وإنما قالَ اللهُ تعالَى: ﴿وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ﴾ [المائدة: ٤٥].

والثاني: تُقلعُ وإنْ عادتْ مرَّاتٍ؛ لأنه قلَعَ سِنَّه وأعدَمَها، فكانَ له إعدامُ سنِّه، ولأصحابِ الشافِعيِّ وَجهانِ كهَذينِ.

فصلٌ: وإنْ قلَعَ سِنًّا فاقتصَّ منه ثم عادَتْ سِنُّ المَجنيِّ عليهِ فقلَعَها الجاني ثانيةً فلا شيءَ عليهِ؛ لأنَّ سِنَّ المَجنيِّ عليهِ لمَّا عادَتْ وجَبَ للجاني عليهِ دِيةُ سِنِّه، فلمَّا قلَعَها وجَبَ على الجاني دِيتُها للمَجنيِّ عليهِ، فقدْ وجَبَ لكلِّ واحِدٍ منهُما ديةُ سنٍّ، فيَتقاصَّانِ (١).


(١) «المغني» (٨/ ٢٦٣، ٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>