أُخذَ به الأنفُ الصَّحيحُ ما لم يَسقطْ منه شَيءٌ؛ لأنَّ ذلكَ مَرضٌ، فإنْ سقَطَ منه شَيءٌ لم يُقطعْ به الصَّحيحُ، إلا أنْ يَكونَ مِنْ أحدِ جانبَيهِ، فيَأخذُ مِنْ الصَّحيحِ مثلَ ما بَقيَ منه أو يأخذُ أرشَ ذلكَ.
والذي يَجبُ فيه القِصاصُ أو الدِّيةُ هو المارِنُ، وهو ما لَانَ منه دُونَ قَصبةِ الأنفِ؛ لأنَّ ذلكَ حَدٌّ يَنتهِي إليه، فهو كاليَدِ يَجبُ القِصاصُ فيما انتَهى إلى الكُوعِ، وإنْ قطَعَ الأنفَ كلَّه مِنْ القَصبةِ فعَليهِ القِصاصُ في المارنِ وحُكومةٌ للقَصبةِ، هذا قَولُ ابنِ حامِدٍ ومَذهبُ الشافِعيِّ، وفيه وَجهٌ آخَرُ أنه لا يَجبُ مع القِصاصُ حُكومةٌ؛ كي لا يَجتمعَ في عُضوٍ واحِدٍ قِصاصٌ ودِيةٌ، وقياسُ قولِ أبي بَكرٍ أنه لا يَجبُ القِصاصُ هاهُنا؛ لأنه يَضعُ الحَديدةَ في غيرِ المَوضعِ الذي وضَعَها الجاني فيه، فلَم يَملكْ ذلكَ، كقَولِه فيمَن قطَعَ اليدَ مِنْ نِصفِ الذِّراعِ أو الكفِّ.
وذكَرَ القاضي هاهُنا كقَولِ أبي بَكرٍ، وفي نَظائرِه مثلَ قولِ ابنِ حامِدٍ، ولا يَصحُّ التَّفريقُ مع التساوي، وإنْ قطَعَ بعضَ الأنفِ قُدِّرَ بالأجزاءِ وأُخذَ منه بقَدرِ ذلكَ كقَولِنا في الأذنِ، ولا يُؤخذُ بالمَساحةِ؛ لئلَّا يُفضيَ إلى قَطعِ جَميعِ أنفِ الجاني لصِغرِه ببعضِ أنفِ المَجنيِّ عليهِ لكِبَرِه، ويُؤخذُ المِنخرُ الأيمَنُ بالأيمنِ، والأيسَرُ بالأيسَرُ، ولا يُؤخذُ أيمَنُ بأيسَرَ، ولا أيسَرُ بأيمَنَ، ويُؤخذُ الحاجزُ بالحاجزِ؛ لأنه يُمكنُ القِصاصُ فيه؛ لانتِهائِه إلى حَدٍّ (١).