للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الماوَرديُّ: وهذا صَحيحٌ، القِصاصُ في الأنفِ واجِبٌ بالنصِّ، فإذا جدَعَ أنفَه مِنْ العَظمِ حتى استَوعبَ جَميعَ مارِنِه اقتصَّ منه بمِثلِه وقُطعَ جَميعُ مارِنِه، ويُقتصُّ مِنْ أنفِ الشامِّ بأنفِ الأخشَمِ، ومِن الكَبيرِ بالصَّغيرِ، ومِن الأقنَى بالأفطَسِ، ومِن الصَّحيحةِ بالخَرماءِ إذا لم يَذهبْ بالخَرمِ منها شَيءٌ، فإنْ قطَعَ أنفَه مِنْ نِصفِ المارِنِ اقتصَّ مِنْ نِصفِ مارِنِه، بخِلافِ القاطعِ مِنْ نصفِ الذِّراعِ؛ لأنَّ في الذراعِ عَظمًا يَمنعُ مِنْ مُماثَلةِ القِصاصِ، ومارِنُ الأنفِ ليسَ يُمكنُ فيه القِصاصُ، فلو قطَعَه مِنْ نِصفِ العَظمِ صارَ حِينئذٍ كالقاطعِ مِنْ نِصفِ الذِّراعِ، فيُقتصُّ له مِنْ حَدِّ العَظمِ ويُستوعبُ به جَميعُ المارِنِ، ويُعطَى حُكومةً فيما قُطعَ مِنْ العَظمِ، فلو أوضَحَ عن العَظمِ ولم يَقطعْه أخَذَ منه ديَةَ مُوضحةٍ، ولو هشَمَه أخَذَ منه ديَةَ هاشِمةٍ، ولو نقَّلَه أخَذَ منه ديَةَ مُنقِّلةٍ، وفي حُكومةِ قَطعٍ أكثرُ مِنْ ديةِ مُنقِّلةٍ.

وإذا قطَعَ أحَدَ شِقِّي أنفِه اقتصَّ منه؛ لأنَّ حاجِزَ المِنخرينِ حدٌّ يَنتهي القِصاصُ إليه، ولو قطَعَ حاجِزَ المِنخرينِ اقتصُّ منه إلى الحدِّ الذي قطَعَه؛ لإمكانِ الاقتِصاصِ مِنْ جَميعِه، ولو ضرَبَ أنفَه فاستَحشَفَ لم يُقتصَّ منه وكانَ له الديَةُ، كما لو ضرَبَ يَدَه فشُلَّت، ويَحتملُ أنْ يَتخرَّجَ فيه قَولٌ آخَرُ مِنْ استِشحافِ الأُذنِ أنَّ له حُكومةً، ولو كسَرَ أنفَه مُجبَّرةً أُعطيَ حكومةً ولا قوَدَ له، فلو انجبَرَ مُعوَجًّا كانَت الحكومةُ أكثَرَ منها لو انجبَرَ مُستقيمًا (١).


(١) «الحاوي الكبير» (١٢/ ١٥٩)، و «البيان» (١١/ ٣٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>