للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ العَمرانِيُّ : وتُقطعُ اليَدُ باليَدِ، والرِّجلُ بالرِّجلِ، والأصابعُ بالأصابعِ، والأنامِلُ بالأنامِلِ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾ [المائدة: ٤٥]، ولأنَّ لها مَفاصِلَ يُمكنُ القِصاصُ فيها مِنْ غيرِ حَيفٍ.

إذا ثبَتَ هذا فإنْ قطَعَ أصابعَه مِنْ مَفاصلِها .. فله أنْ يَقتصَّ، وإنْ قطَعَ يَدَه مِنْ وَسطِ الكفِّ .. فليسَ له أنْ يَقتصَّ مِنْ وَسطِ الكفِّ؛ لأنَّ كسْرَ العَظمِ لا يَثبتُ فيه القِصاصُ بإجماعِ الأمَّةِ.

وإنْ أرادَ أنْ يَقتصَّ مِنْ الأصابعِ مِنْ أصولِها .. كانَ له ذلكَ؛ لأنَّ الأصابعَ يُمكنُ القِصاصُ فيها (١).

وقالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : فإنْ قيلَ: ليسَ في كِتابِ اللهِ بَيانُ حُكمِ ما دُونَ النَّفسِ إلا في هذهِ الآيةِ الشَّريفةِ، وأنه إخبارٌ عن حُكمِ التَّوراةِ، فيَكونُ شَريعةَ مَنْ قَبلَنا، وشَريعةُ مَنْ قبلَنا لا تَلزمُنا.

فالجَوابُ أنَّ مِنْ القُرَّاءِ المَعروفينَ مَنْ ابتَدأَ الكَلامَ مِنْ قَولِه عزَّ شَأنُه: ﴿وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ﴾ [المائدة: ٤٥] بالرَّفعِ إلى قَولِه : ﴿فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ﴾ على ابتِداءِ الإيجابِ لا على الإخبارِ عمَّا في التَّوراةِ، فكانَ هذا شَريعتَنا لا شَريعةَ مَنْ قبلَنا، على أنَّ هذا إنْ كانَ إخبارًا عن شَريعةِ التَّوراةِ لكنْ لم يَثبتْ نَسخُه بكِتابِنا ولا بسُنةِ رَسولِنا، فيَصيرُ شَريعةً لنَبيِّنَا مُبتدأةً، فيَلزمُنا العَملُ به على أنه شَريعةُ رَسولِنا لا على أنه شَريعةُ مَنْ قبلَه مِنْ الرُّسلِ على ما عُرِفَ في أصولِ الفقهِ، إلا أنه لم يَذكرْ وُجوبَ القِصاصِ


(١) «البيان» (١١/ ٣٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>