للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في اليَدِ والرِّجلِ نَصًّا، لكنَّ الإيجابَ في العَينِ والأنفِ والأذنِ والسنِّ إيجابٌ في اليَدِ والرِّجلِ دَلالةً؛ لأنه لا يَنتفعُ بالمَذكورِ مِنْ السَّمعِ والبَصرِ والشمِّ والسنِّ إلا صاحبُه، ويَجوزُ أنْ يَنتفعَ باليَدِ والرِّجلِ غيرُ صاحبِهما، فكانَ الإيجابُ في العُضوِ المُنتفَعِ به في حقِّه على الخُصوصِ إيجابًا فيما هو مُنتفعٌ به في حقِّه وفي حَقِّ غيرِه مِنْ طَريقِ الأَولى، فكانَ ذِكرُ هذهِ الأعضاءِ ذِكرًا لليَدِ والرِّجلِ بطَريقِ الدَّلالةِ له كما في التأفُّفِ مع الضَّربِ في الشَّتمِ، على أنَّ في كِتابِنا حُكمَ ما دُونَ النفسِ، قالَ اللهُ تعالَى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٤].

قالَ اللهُ تعالَى عزَّ شَأنُه: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾ [النحل: ١٢٦]، وأحَقُّ ما يُعملُ فيه بهاتينِ الآيتَينِ ما دُونَ النفسِ.

وقالَ : ﴿مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا﴾ [غافر: ٤٠]، ونَحو ذلكَ مِنْ الآياتِ.

وأمَّا المَعقولُ فهو إنَّ ما دونَ النفسِ له حُكمُ الأموالِ؛ لأنه خُلقَ وِقايةً للنفسِ كالأموالِ، ألَا تَرى أنه يُستوفَى في الحِلِّ والحَرمِ كما يُستوفَى المالُ.

وكذا الوَصيُّ يَلي استِيفاءَ ما دُونَ النفسِ للصَّغيرِ كما يَلي استِيفاءَ مالِه، فتُعتبَرُ فيه المُماثَلةُ كما تُعتبَرُ في إتلافِ الأموالِ (١).


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٢٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>